أعلى

 

 

ساد الاعتقاد بأن شركات الطيران الغربية الكبرى هي في وضع جيد للاستفادة من العولمة، وذلك بالنظر إلى تجرتها الغنية على الصعيد العالمي، خصوصا بعدما استفادت سواها من الصناعات من إمكانيات التجارة العالمية. غير أن الحقيقة هي أن العولمة، وخلافا لأي قطاع آخر، لا تشكل فرصة بالنسبة إلى شركات الطيران التقليدية، بل هي مصدر التهديد الأكبر لها..

 

لطالما كانت شركات الطيران عالمية قبل أن يعرف الكثير من عالم الأعمال أن العولمة موجودة. فمنذ عام 1919 سرعان ما أصبح السفر الدولي الجزء الأكثر جاذبية والأعلى ربحية في صناعة الطيران، ولا يزال كذلك حتى اليوم.

 

وكما أظهرت شركات صناعة السيارات والصناعات الكيميائية والصيدلانية، يبدو الوقت الراهن  مثاليا لتعزيز دمج العمليات الدولية وتوحيدها بهدف زيادة الموارد والثروات حول العالم. ويمكن للاندماجات والشراكات أن تساعد الشركات العالمية الكبرى في أن تقطع شوطا طويلا نحو خفض التكاليف بشكل  كبير عن طريق الحد من المنافسة، واستخدام القوى العاملة والطائرات بكفاءة أكبر، وإعادة تحديد شبكات الخطوط والرحلات للتخلص من التكرار والازدواجية.

 

قيود نظيمية

لكن هذه العمليات والصفقات العالمية ليست في المتناول بعد.  ذلك أن تحقيق الشركات الكبرى للعولمة دونه تحديات وعقبات كثيرة، من بينها القيود التنظيمية. ولكن إذا كان لهذه الشركات أن تبقى وتنمو، فإن عليها التصدي لهذه المشاكل والتغلب عليها. وتفرض غالبية البلدان قيودا صارمة على الملكية الأجنبية لشركات الطيران. ففي الولايات المتحدة لا يمكن لغير الأميركيين أن يمتلكوا أكثر من 25 في المئة من الأسهم التي تسمح لأصحابها بالتصويت.

 

وبسبب هذه القيود، تبتعد معظم شركات الطيران الكبيرة عن عمليات الدمج الدولية، وتضطر للاكتفاء بالاندماجات المحلية. والواقع أن العمليات الأخيرة تساعد غالبا في خفض الأسعار في الأسواق المشبعة، لكنها لا تحقق شيئا يذكر لجعل شركات الطيران تستفيد من إمكانات النمو في الأسواق الصاعدة مثل الهند والصين. وهنا يقول فادي مجدلاني الشريك في بوز أند كومباني "قيود الملكية ليست سوى مجموعة من الأنظمة القومية المتبقية التي تضطر شركات الطيران التقليدية للتعامل معها. ومما يثير الإحباط وبصعب التعامل معه تلك السياسات المتضاربة، وأحيانا غير المنطقية، التي تفرضها الحكومات في كثير من البلدان".

 

لاعبون عالميون

وبينما تعاني شركات الطيران المخضرمة للحفاظ على وجودها الدولي، نرى الأجواء الدولية تزدحم أكثر فأكثر. وهناك لاعبون عالميون من الشرق الأوسط وبلدان مجاورة يبرزون كتهديد جدي يتمتع بمزايا ملموسة. وتسعى هذه الشركات حاليا بقوة الى الظفر بركاب الدرجة السياحية، فيما تستفيد بالفعل من مكاسب درجة الأعمال، علما أن رساميلها تأتي من الأموال الحكومية، وتعمل تقريبا معفاة من الضرائب، وهي مجهزة بأساطيل من الطائرات الحديثة ذات المعايير الموحَّدة، وتعمل انطلاقا من مطارات جديدة برّاقة، ويعمل فيها عمال غير منتمين إلى نقابات، وتقدم خدمة راقية.

 

والواقع أن هذه الشركات نجحت خصوصا في جذب المسافرين بعيدا عن شركات الطيران التقليدية على خطوط الرحلات الدولية الطويلة التي تربط العالم المتقدم بالأسواق الناشئة ولا سيما بين أوروبا وآسيا. وهكذا باتت شركة طيران الإمارات سابع أكبر شركة طيران في العالم، فيما تقدم الاتحاد للطيران والقطرية منتجات وخدمات بمستوى 5 نجوم.

 

يقول أليساندرو بورغونيا المدير في بوز أند كومباني:"شهد قطاع الطيران على المستوى العالمي في العقد الأخير ارتفاعا مستمرا في عدد الركاب والعائدات، كما ان الأسواق الناشئة حققت معدلات نمو أكبر من سواها في هذا المجال. وإذا أخذنا الشرق الأوسط مثالا، فإن العالم شهد من 2005 الى 2009 ارتفاعا للعائدات قياسا بعدد الركاب/ كيلومتر (RPK) بمعدل سنوي مركّب مقداره 4 في المئة، فيما بلغ نمو القطاع في الشرق الأوسط معدّل 13 في المئة".

 

أحلام كبرى

وفي مواجهة هذه التحديات العالمية الجديدة، ومع تَسَبّب شركات الطيران التي تقدم حسومات ضخمة بتراجع للإيرادات في أسواقها، كيف يمكن لشركات الطيران التقليدية المخضرمة أن تواجه في السنوات المقبلة الوضع في صناعة تعتبرها في جزء منها حمائية وفي جزء آخر معولمة؟. في البداية، ومع الاعتراف بأنه لا يوجد نموذج مثالي للعمل في صناعة الطيران، يجب أن تلتزم هذه الشركات تطوير النموذج الأمثل للأسواق التي تنافس فيها.