أعلى

 

القاهرة عاصمة جمهورية مصر وأكبر وأهم مدنها، وتعد أكبر مدينة عربية من حيث تعداد السكان والمساحة، وتحتل المركز الثاني أفريقياً والسابع عشر عالمياً من حيث التعداد السكاني، يبلغ عدد سكانها 9.7 مليون نسمة حسب إحصائيات عام 2018 يمثلون 10.6% من إجمالي تعداد سكان مصر. وتعد مدينة القاهرة من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وحضارياً، حيث شهدت العديد من الحقب التاريخية المختلفة على مر العصور، وتوجد فيها العديد من المعالم القديمة والحديثة، فأصبحت متحفاً مفتوحاً يضم آثاراً فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية. اليوم لا تقل متعة التجوال في شوارع القاهرة جاذبيةً عن زيارة المناطق الأثرية والسياحية بها. فالزائر يمكنه القيام بما هو أكبر من مجرد زيارة للمعالم الأثرية، لأن مجرد السير في شوارع القاهرة سيجعلك تتعرف على وجه آخر للمدينة الصاخبة. من شارع الكورنيش إلى قصر النيل ومنه إلى ميدان رمسيس وصولاً إلى شارع شبرا، يمكن للسائح أن يمنح نفسه فرصة للتعرف على ثقافات تعكسها الروح الصاخبة لهذه الشوارع، التي لا تعرف النوم بما تضمه من مظاهر قديمة وأخرى واكبت التطور والحداثة بأشكال مختلفة.

 

شوارع صاخبة لا تفوتكم:

 

- شارع شبرا:  في هذا الشارع الكائن بحي شبرا، الذي تغلب عليه الصبغة الشعبية، سيكون السائح في أحد أكبر مناطق القاهرة وأكثرها كثافة بالسكان. وبالطبع ينعكس ذلك على أهميته كشارع تجاري. ويعد شارع شبرا الرئيسي هو الأقدم في الحي الواقع بشمال القاهرة، إذ يقترب عمره الآن من مائتي عام، وأنشأه محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة سنة 1809. التجول بالشارع قد لا يكون معروفاً لدى السائحين أو زوار القاهرة الأجانب، لكنه يعطى صورة مكثفة عن المجتمع المصري، نظراً للزحام واختلاف الثقافات، حتى سماه البعض بـ«الصين المصرية». كما أنه يعكس التركيبة السكانية شديدة الخصوصية، التي تمتزج فيها الطقوس والمظاهر والعادات والتقاليد بين الأسر المسلمة والمسيحية وأيضاً لجاليات أجنبية قديمة سكنته. ونتيجة لتنوع الثقافات والديانات في شارع شبرا، نجد به الكثير من دور العبادة، ففي الشارع يقع «مسجد الخازنداره»، وهو من المساجد الكبرى في المنطقة، وكان في السابق مقراً لكلية أصول الدين، و«كنيسة سانت تريزا» التي تسمى باسمها إحدى المناطق بالحي.

 

- شارع رمسيس: بزيارة شارع رمسيس، فأنت في واحد من أكثر بقاع العاصمة ازدحاماً، بل يمكن القول إنه المعبر عن صخب القاهرة. لكن رغم الزحام فهو يشعر المتجول بالألفة، حيث يبدأ من المتحف المصري بالتحرير، مروراً بأحياء بولاق والفجالة والسكاكيني وانتهاءً بالعباسية. وخلال هذه المسافة يمكنك أن تشاهد طرز العمارة الأوروبية على جانبي الشارع. فهناك مبنى دار القضاء العالي، ومبنى مصلحة الشهر العقاري. ما يوجد بالشارع مقر «جمعية الإسعاف» و«مبنى معهد الموسيقى العربية»، ومستشفى «الهلال الأحمر»، و«عمارة رمسيس»، ثم مبنى «محطة مصر» الرئيسية للسكك الحديدية بميدان رمسيس.

 

- شارع الكورنيش:  يعد شارع كورنيش النيل من أكثر الأماكن ازدحاماً في القاهرة، كما هو الأطول في العاصمة القاهرة، حيث إنه يبدأ من حي المعادي، ويمتد إلى مصر القديمة، حتى حي شبرا الخيمة، ويجتذب في المنطقة القريبة من وسط القاهرة وميدان التحرير زهواً لكثرة المباني العريقة والفنادق الفارهة، بينما على ضفاف النهر تنتشر المقاهي والمراكب العائمة التي تحمل على متنها مزيجاً من المطاعم ذات النجوم الخمسة. وعلى الكورنيش يمكن أن تتخذ نزهتك أكثر من شكل، حيث يمكن القيام برحلة طويلة مشياً، بموازاة نهر النيل، بما يعني استنشاق نسمات الهواء المنعش بعيداً عن ضجيج السيارات، أو امتطاء عربات «الحنطور» السياحية التي تجرها الخيول في نزهة ليلية بطول الكورنيش، أو ركوب المراكب أو الأتوبيس النهري في جولة داخل مياه النيل، أو مشاركة المصريين الاستمتاع بالجلسات البسيطة فوق الكباري أعلى النيل، لا سيما كوبري قصر النيل وكوبري الجامعة وكوبري عباس. كذلك، ما يميز هذه الرحلة على طول الكورنيش، أنه يمكن الاستمتاع بالمشروبات الساخنة والمأكولات الشعبية، كون الطريق أصبح جاذباً لعدد كبير من الباعة الجائلين، التي يعد من أشهرها مشروب حمص الشام، والشاي، والذرة المشوية، والسميط، والبطاطا، والترمس، واللب.

 

- شارع طلعت حرب:  شارع وميدان طلعت حرب هو واحد من أهم شوارع وسط القاهرة الرئيسية، وتعد الشوارع المتفرعة من الميدان، الذي يستقي اسمه من الاقتصادي المصري الشهير، قلب المدينة الصاخب، إلا أن شارع طلعت حرب نفسه يمتاز بوجود عدد من دور السينما الشهيرة مثل «مترو» و«ميامي» و«راديو»، إلى جانب العقارات ذات الطراز المعماري الأوروبي الكلاسيكي الفخم العتيق، وأبرزها «عمارة يعقوبيان» الشهيرة. كما يضم «مقهى جروبي» الشهير، و«مقهى ريش التاريخي»، الذي يرتاده المثقفون، وكان على رأسهم الأديب العالمي الراحل صاحب «نوبل» نجيب محفوظ. ويتسم الشارع بالصبغة التجارية، حيث تصطف محلات بيع الملابس على جانبيه، ومنه يتفرع ممر «بهلر» أحد أشهر الممرات ذات البنايات الخديوية، وهو يصل بين شارعي قصر النيل وطلعت حرب، ويحتوي على الكثير من المتاجر ذات السمعة الجيدة.

 

- شارع خان الخليلي: من أشهر شوارع القاهرة السياحية التي يقصدها مئات الآلاف من السياح سنوياً لشراء التذكارات من تماثيل فرعونية مُقلّدة، حُلي تحمل رموز فرعونية شهيرة، مشغولات وأواني فضية ونحاسية منقوشة ومُزخرفة بدقة وإتقان، مشغولات ذهبية وماسية، وزي نسائي تقليدي. هذا إلى جانب مقهى الفيشاوي الشهير الذي يرجع تاريخه لسبعينات القرن الـ 18. يرجع تاريخ خان الخليلي إلى عهد المماليك أي إلى ما يزيد عن 6 قرون، ومع ذلك لازال الشارع يُحافظ على تصميمه العريق فأغلب بيوته الأثرية تحتفظ بهيئتها التي بُنيت بها للمرة الأولى ومازالت مرافقه البدائية حاضرة ومُستخدمة.

 

- شارع قصر العيني:  هو أحد شوارع منطقة وسط القاهرة، يبدأ من ميدان التحرير وينتهي عند ميدان فم الخليج، أهمية الشارع تتمثل في تاريخه الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، حيث سمي بذلك نسبة لأول مدرسة طيبة أنشأها محمد علي باشا وهو مستشفى قصر العيني الشهير. المرور على الشارع يعني أنك في أحد مراكز صنع القرار السياسي، حيث توجد به مجلسا الوزراء والنواب، ووزارات التعليم والبحث العلمي والإسكان والتموين، بجانب المؤسسات الصحافية العريقة كمجلة «روزاليوسف»، والنقابية، كنقابة الأطباء، والثقافية كالهيئة العامة لقصور الثقافة، و«مسرح السلام»، و«مجمع التحرير»، و«الجامعة الأميركية»، كما يوجد به «المجمع العلمي المصري»، و«مبنى الجمعية الجغرافية المصرية» التي أنشئت سنة 1875، و«المتحف الإثنوغرافي» الذي تأسس سنة 1924. ويتميز الشارع بوجود مجموعة من العمارات ذات الطرز الكلاسيكية، التي شيد معظمها أوائل القرن الماضي. أما المقاهي فهي منتشرة بشكل ملحوظ في الشارع، ويغلب عليها السمة الشعبية، وهو ما يجعل الشارع ينبض بالحياة والصخب طوال الليل.

 

- شارع الجمهورية: عقب ثورة 23 يوليو، تم استبدال اسم شارع «إبراهيم باشا» بـ«الجمهورية»، ليعبر عن الحقبة الجديدة في تاريخ الدولة المصرية، بقيام الجمهورية وإلغاء الملكية. يصل الشارع بين ميدان عابدين وميدان رمسيس مرورًا بميدان الأوبرا، حيث يقع تمثال إبراهيم باشا، وهو التمثال الوحيد الذي لم تزيله الثورة من بين كل تماثيل المنتمين لأسرة محمد على في القاهرة، ربما لكونه من مؤسسي الجيش المصري وأحد أهم قياداته.

 

- شارع الأزهر: أنشأ جوهر الصقلي شارع الأزهر، وأحاطه بأسوار كبيرة، لكي يكون مقرًا حصينًا للخليفة المعز لدين الله الفاطمي، ورجاله وموظفيه، بل وصل الأمر، إلى عدم السماح لعامة الشعب بدخوله إلا بإذن. كما قام «الصقلي» بإنشاء الجامع الأزهر، يونيو 970م، الذي أصبح أهم الجامعات الإسلامية في العالم. ومن أبرز مباني شارع الأزهر، الجامع الأزهر والجامعة الأزهرية، ومستشفى الحسين الجامعي، قصر«الغوري» نسبة لأخر سلاطين الدولة المملوكية قنصوة الغوري.

 

- شارع المُعز: من افضل شوارع القاهرة تعبيراً عن التراث المصري والتي تستقطب أنظار الآلاف من السياح بفضل التصميم المعماري القديم والعريق لمنازله التي تم تحويل بعضها لمزارات سياحية أو بيوت ثقافية حيث البناء الحجري والمشربيات الخشبية والأبواب العتيقة. كما يتميّز الشارع بالباعة الذين يُؤجرون الزي المصري التقليدي القديم “البيشة والملاءة اللف” للسُيّاح المحليين والأجانب حيث يُمكن للزائر التقاط صورة له بهذا الزي. أما ليلاً تستضيف القصور والبيوت الثقافية في شارع المعز وأشهرها بيت السحيمي أُمسيات ثقافية وفرق تراثية.

 

- شارع الغورية: شارع عريق يرجع تاريخه لعهد المماليك تحديداً منتصف القرن 13 ويتبع إدارياً حي الجمالية. قديماً تميّز الشارع بعدد من المحلات الكبيرة مُتعددة الطوابق حيث كان التجار يأتون ببضاعتهم لبيعها في الحي التجاري الشهير. الآن يقودك الشارع العريق لمجموعة من أهم آثار القاهرة الفاطمية والأيوبية والمملوكية مثل وكالة وسبيل مياه الغوري، المدرسة الغورية التي تشتهر بأرضياتها الرخامية البيضاء المُزخرفة بفن ودقة وإتقان، باب الفتوح، تكية السلحدار، ومسجد الأقمر. كما يقود الشارع أيضاً إلى ضريح الحسين، خان الخليلي، والجامع الأزهر.