أنطاليا التركية محاصرة بالبحر والشلالات
متابعة عالم أسفار: تعتبر انطاليا لؤلؤة الجنوب التركي حيث تعيش على أمجاد الماضي والحاضر وتتأهب للذهاب نحو المستقبل بخطة تنموية خارقة مفتوحة على البناء والتطور والابداع. مدينة تحاصرها البحار والشلالات... والتاريخ، فيها الفنادق والمنتجعات والاستراحات والقلاع والمسارح الرومانية، فيها أجمل الصور الطبيعية للحياة والوجود، وفيها ايضاَ يلتقي العشاق ويصوّر الأزواج قبل دخول العش.المدينة الغافية على سواحل البحر الابيض المتوسط قديمة جداّ بتاريخها وولادة الحياة فيها حيث اكتشف الباحثون أخيرا ان الحياة بدأت فيها في القرن الثالث قبل الميلاد فيما لاتزال محطة لتجارب الباحثين عن سبر أغوار الحضارات القديمة حيث توحي المدينة بأنها كانت يوما مركزا للتواصل الحضاري. هنا في انطاليا يبدو التاريخ ناطقاً يحكي لعشاق الماضي كل الحكايات، ففي مسارح الرومان كانت الملاحم والمهرجانات والمواجهات الدامية. كأنها لاتزال على حالها عملاقة ضخمة مخيفة كما لو أنها للتو شهدت نزالات المقاتلين، وللتو تتعالى الرماح والسيوف وللتو شهدت مصرع أحد المقاتلين... وما اجمل ان يعود الماضي حاضرا ناقلا الصورة كما هي وكما كانت.. وان كانت قاسية. من مطار انطاليا المزدحم دائما تبدأ الحكاية، وتبدأ الرحلة لاكتشاف الجمال التركي الجنوبي حيث كل الصور تخرج في أبهى صورة. ولانها مدينة التاريخ والحاضر والمستقبل تبدو انطاليا مزدحمة لكنها في الوقت ذاته هادئة، اذ برغم أنها ثالث أكثر المدن في العالم استقبالا للسائحين تظل دائما ملاذا للباحثين عن الاسترخاء والهدوء والراحة كما لو ان هناك اتفاقا بين زوراها واهلها بأن يتمتعوا بالمدينة بلا ازعاج ولا ضجيج.
المدينة القديمة:
وتبدو هذه الصورة ماثلة عندما يموج السائحون في أحد الاسواق الشعبية الضخمة فيما الجميع في حالة تأمل يسيرون برفق ويكتفون بمعانقة جمال الاماكن بنظام وود وهدوء. المدينة القديمة تقع في قلب انطاليا ... لكنها هي القلب وحضن انطاليا حيث هي المدينة الساكنة في حقيبة التاريخ بتفاصيل سيرة الحضارة الانسانية وتجلياتها. هدوء لافت في هذه المدينة المؤدية الى الماضي بكل أريحية ورحابة صدر، يسير السياح فيها راصدين كل الوجوه العمرانية القديمة والاسواق والتحف والجداريات الضخمة الصامدة بوجه الزمن رغم مرور آلاف السنين. وفي محيط هذه المدينة التاريخية يمتد الابيض المتوسط راسما هوية مختلفة لها، حيث السماء تلتقي مياه البحر ليشكلان لوحة ساحرة. ولا يفوت الباحثون عن الصورة الخلابة فرصة التصوير في هذا الموقع الذي تحول مكانا بدهيا لالتقاط صور للعرسان فيه كتقليد لا ينقطع منذ زمن، حيث يبدو المنظر مألوفا جدا عندما تجد عشرات «المعاريس» يلتقطون الصور بمعية فريق محترف في التصوير في مشهد يحول المدينة القديمة الى قاعة كبرى للاحتفالات. وعلى هامش الرحلة التي نظمتها وزارة السياحة التركية للاعلاميين الخليجيين لزيارة عدد من المدن التركية تحدث محافظ أنطاليا منير كارلغلو للوفد الاعلامي الخليجي، عن التطور الذي تشهده هذه المدينة السياحية «التي ستظل تواكب التطور لاستقطاب السياح من كل مكان».
أنطاليا و30 مليون سائح
ويقول كارلغلو أن هناك 30 مليون سائح يزورون أنطاليا سنويّاً، مشيراً إلى فتح خطوط طيران جديدة ومباشرة من أنطاليا ودول الخليج لاستضافتهم مع قائمة 240 خطاً مباشراً لمختلف دول العالم ضمن استراتيجية تنشيط السياحة في تركيا. وذكر أن حكومة أنقرة تسعى إلى تكثيف أوجه التعاون مع الدول الخليجية في مختلف المجالات وعلى رأسها السياحية. وعلق قائلا: «أنطاليا ما زالت غير معروفة عند السائح الخليجي وهناك مساعٍ حالية للتعريف والتسويق عنها في أسواق السفر في دول الخليج بما فيه استقطاب الاستثمارات الخليجية لها». وتابع: «أنطاليا تتميز بخصائص تجعل منها المدينة الوحيدة التي تحظى بأنشطة صيفية مطلة على شواطئ المتوسط، بينما تبعد بثلاثين دقيقة فقط لممارسة أنشطة شتوية عبر التزحلق على الثلج في المناطق الجبلية المرتفعة». اما منسق محافظة أنطاليا، عثمان ايرول سارادير، فقال للاعلاميين إن «أرقام السياح إلى أنطاليا انخفضت بسبب الإرهاب على تركيا إلى 7 ملايين غالبيتهم من الدول الغربية رغم أن أنطاليا مدينة آمنة ومستقرة وتتميز بوجود سياحة علاجية رخيصة وأخرى عائلية»، مشيرا الى ان «مستشفيات المدينة تشتهر كثيرا في عمليات زراعة الشعر وعمليات التجميل بمختلف أنواعها».
نسمات الشلالات:
وبدا ان العلاقة الانسانية وثيقة جدا بين انطاليا وسكانها حيث لا يفارقون جمالها أبدا فيما هي تظل مهد الحياة ونقطة الانطلاقة في دروبها. ومن هذا الاحساس، يحرص أهل انطاليا على أن يستنشق مواليدهم الجدد نسمات الشلالات في اسابيعهم الاولى حيث تبدو الصورة مألوفة عندما تحمل الامهات أطفالهن وتتجول بهم بحثاً عن رذاذ مياه الشلال. وبخلاف التاريخ، بدا ان السياح لاسيما القادمين من روسيا مولعين عشقاً وهياما بانطاليا كونها قريبة، وهادئة وساخنة ايضا، حيث الشمس حاضرة فيها في كل الفصول.وتزدحم شواطئ المدينة باستمرار متضمنة أنشطة تقام لخلق حالة من التواصل الدائم مع السياح فيما تستقبل جبالها في الشتاء الراغبين بالتزلج.