تحولت من أخطر مدن العالم إلى قبلة للسياح
أطباق متنوعة
وطور أحفاد الأفارقة الذين جاؤوا في خضم تجارة الرقيق، مهاراتهم في الطهي وساهموا في إثراء المطبخ الكولومبي بأطباق جديدة، مثل الحلوى المصنوعة من العسل الأسود، والأرز بالحليب، والبطاطس المحشوة، وأحسية اللحم والموز، وطبق كازويلا، وهو حساء من الأسماك والمحار مع الكسبرة الخضراء والثوم والفلفل والطماطم والبصل والقشطة والجبن الذي يقدم مع الأرز المطهو في لبن جوز الهند. ويقول ميل نيمان، هولندي يعيش في كالي منذ عام 2011 ومؤسس شركة لتنظيم رحلات سياحية لتذوق أطعمة كالي، إن الطعام في كالي له نكهة مميزة، لأنه تأثر بعدة ثقافات. فإن الكثير من أطباق كالي تعتمد على الأسماك الطازجة، نظرا لقرب المدينة من المحيط الهادئ، كما أنها غنية بالأعشاب والفواكه الاستوائية، نظرا لقرب المدينة من الجبال. كما تأثر مطبخ كالي بأساليب الطهي الأفريقية، لهذا فإن أطباق كالي مفعمة بخليط من النكهات التي لا تتذوقها في أي مكان آخر في كولومبيا. وتبدأ رحلات نيمان بزيارة للحانات في سان أنتونيو لتذوق فطائر إمبانادا، بحشواتها المختلفة، وخاصة البطاطس واللحم. ثم يتجه جنوبا عبر وسط المدينة، لتذوق أطعمة الشارع الشعبية بأنواعها المختلفة، من سلطة المانغو بالليمون والملح التي أضفى عليها أحد البائعين في شوارع كالي نكهة خاصة بإضافة بالفلفل والقرفة واللبن المكثف. وبعدها يتوقف نيمان ورفاقه لشرب عصير "لولادا" البارد المصنوع من الليمون وفاكهة اللولو الحمضية، ثم طبق سلطة القريدس "سيفيتشي" المغطى بصلصة الطماطم الكثيفة وشرائح الموز المقلي. وتمر الرحلة على السوق المركزي بالمدينة، لتذوق الأطباق المحلية، مثل الخنزير المحشو بالأرز والخضروات والبهارات، والمقليات المتنوعة، وطبق التامال المكون من أوراق الموز المحشوة باللحم والبطاطس والكاسافا، والحلوى المصنوعة من قصب السكر واللبن والمارشمالو، وتنتهي الرحلة بكوب من القهوة الكولومبية. ويشيد نيمان بتحسن مستوى الأمان في شوارع كالي في فترة قصيرة، ويقول: "منذ خمس سنوات، لو كنا نسير من سان أنتونيو إلى السوق، لكنا تعرضنا للسطو. لكنك الآن لا تشعر بالخوف".
في كنف الطبيعة
مع حلول المساء تهب نسائم منعشة من المحيط الهادئ لتطرد حرارة الظهيرة الخانقة، وتزدحم الطرق الجانبية بالمارة. ويقول بنيامين ماريوت، مؤسس شركة لتنظيم رحلات سياحية خارج مدينة كالي على الدراجات البخارية، إن أفضل وقت لاستكشاف المدينة هو وقت المساء، حين يعود الموظفون من أشغالهم، ويلتقون بأصدقائهم، ويرتادون الحانات ويأكلون في الشوارع". ويلتقي ماريوت كل مساء بمجموعة من الدراجين للخروج في رحلات عبر المدينة على الدراجات البخارية، قد تبلغ تكلفتها 30 ألف بيزو، ما يعادل 7.5 جنيه إسترليني. وتبدأ الرحلة من منطقة باريو غرانادا، التي تضم المطاعم والنوادي الترفيهية الفخمة، ثم تمر بمتحف "لا تيرتوليا" للفن الحديث، وسوق لوما دي لا كروز للمصنوعات اليدوية، ومتنزة القطط، الذي يضم 16 تمثالا لقطط على الضفة الشمالية لنهر كالي. وعلى الضفة المقابلة يوجد شارع "بوليفار دي ريو"، وهو طريق معد للدراجات ومحاط بحانات. ثم يمر الدراجون بمتحف "كاليوود" الخاص الذي يوثق تاريخ صناعة السينما في كالي منذ بداية دخول الأفلام وأجهزة العرض السينمائي إلى المدينة في أواخر القرن التاسع عشر. ويقول هيوغو سواريز، صاحب المتحف، إن صناعة السينما في كولومبيا تتطور بوتيرة سريعة بسبب القوانين التي تقدم للأجانب مزايا عديدة، وتغري المخرجين الكولومبيين على البقاء في كولومبيا. وأصبحت الآن معظم الأفلام الكولومبية تدور حول قصص شبه واقعية عن مهربي المخدرات". ويصعد مئات الدّراجين عبر طريق بديل أكثر صعوبة على مسافة تسعة كيلومترات للوصول إلى تمثال المسيح الملك الذي يبلغ طوله 26 مترا فوق قمة أحد التلال غربي المدينة. ويستغرق صعود هذا الطريق المنحدر والمتعرج نحو ساعة، لكنه يشرف على مناظر أخاذة. إذ بإمكانك أن ترى المدينة بأكملها ووادي كاوكا، والممر الأرضي المؤدي إلى ميناء بوينافينتورا والمحيط الهادئ. ويقول ماريوت، إن قرب المدينة من الطبيعة شجعه على البقاء في كالي، إذ لا تستغرق المسافة على الدراجة من قلب المدينة إلى أكبر سلسلة جبال في العالم أكثر من 20 دقيقة.