لا يخطر ببال الكثيرين وهم يعبرون إلى أكثر مناطق القيروان هدوءا، قادمين من أكثرها ضوضاء، أنهم على بُعد بضعة أمتار من أرقى فنادق تونس قاطبة وأكثرها جمالا، إنه فندق «القصبة» بمدينة القيروان التاريخية، أول مدينة إسلامية في أفريقيا، التي بناها عقبة بن نافع عام 50 هجرية. ففي المنطقة التي يقع فيها الفندق أعظم المعالم العمرانية والسياحية وأكثرها قيمة تاريخية، جامع عقبة بن نافع، ومقام الصحابي الجليل أبو زمعة البلوي، والفسقية.
يعتبر فندق «القصبة» بالقيروان تحفة معمارية سواء بمظهره الخارجي الذي يجسد سالف العظمة، حيث كان ثكنة عسكرية منذ القرن السابع الميلادي، لكنه تحول في سنة 1999 إلى فندق من فئة 5 نجوم. وقال حكيم ميطاحني المدير العام للفندق لـ«الشرق الأوسط»: «يتكون الفندق من ثلاثة طوابق ويحتوي على 97 غرفة جميعها مجهزة بأحدث وسائل الراحة، وتحتوي كل غرفة على شرفة مستقلة بها خط إنترنت وحمام مزود ببرنس. ويضم الفندق 3 أجنحة، منها جناح رئاسي، ويتسع لـ220 زبونا، وبالفندق مطعم يتسع لـ200 شخص ومطعم محلي يتسع لـ40 شخصا، ويتوفر بالفندق مسبح خارجي، وحمام بخار تركي، وقاعة شاي، وقاعة شاي تقليدية، كما يتوفر بالفندق خدمات الساونا، وموقف للسيارات، وحدائق وقاعات اجتماعات كبرى تتسع لـ450 شخصا".
وقد استقبل الفندق الكثير من الشخصيات المهمة سنة 2009، وهي السنة التي أعلنت فيها القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية. وقال ميطاحني إن «فندق (القصبة) هو واحد من سلسلة فنادق مجموعة (غولدن ياسمين)، وهي 11 فندقا موزعة على عدد من المدن التونسية مثل القيروان، وتوزر، ودوز، وصفاقس (الجنوب التونسي) والحمامات (الشمال الشرقي)، وصاحب هذه السلسلة هو عاطف بوصرصار»، وتابع: «هذه القلعة كانت ثكنة عسكرية تابعة للجيش التونسي، ولكن الجيش لم يكن يسمح له ببيع ممتلكاته، فتمت عملية تحويل المبنى لوزارة الداخلية حتى تتم الإجراءات القانونية، وهو ما حصل بالفعل»، وأكد ميطاحني على أن المبنى التاريخي الضخم كان ثكنة عسكرية منذ سنة 650 ميلادية ولم يتم تجريده من طابعه التاريخي العسكري بحقبه المختلفة سوى سنة 1999.
وبالطبع تم إدخال تعديلات على نظام الغرف، وإضافة المسابح، بينما بقيت الأسوار وما تم اتخاذه لاحقا غرفة لتناول الشاي على الطريقة التقليدية وبعض الأماكن الأخرى على حالها. وحتى الإضافات التي أدخلها المالكون الجدد للمكان التاريخي الهام تم استنباطها من إيحاءات الزخرفة التراثية سواء الفيسفساء المحلية أو تلك التركية والأندلسية التي تبدو واضحة بجلاء في مقام أبو زمعة البلوي، والجامع الكبير. الذين أشرفوا على عملية وضع الديكور كانوا حريصين على الطابع التقليدي للمبنى وللمدينة التاريخية الشهيرة، حتى باب القلعة العتيق ظل على حاله كما لو كان باب أحد الحصون الحصينة في زمن العز الغابر.
«حتى الباب لم نقم بتغيره للحفاظ على الطابع المعماري التاريخي للمبنى والمنطقة فلم نرغب في اقتلاع المكان من جذوره". كان لحرص القائمين على مجموعة «غولدن ياسمين» الفندقية على الاحتفاظ بالطابع التاريخي للمكان فوائد جمة، إذ إن «السياح يجدون فيه شيئا مختلفا عن بقية النزل التي تبدو واجهاتها وبقية مكوناتها من المعمار الحديث، وبذلك يكون الفندق ليس للمبيت والراحة فقط، بل للسياحة أيضا واستكشاف جانب من التراث التاريخي للمنطقة»، وأردف: «السياح يجدون طابعا آخر.. شيئا جديدا لم يألفوه في الفنادق الأخرى، وفي نفس الوقت يحافظ على فخامته ونجومه الـ5". ويذكر ميطاحني أنه أثناء إعداد المكان ليصبح فندقا تم العثور على الكثير من القطع الأثرية والأسلحة من عصور مختلفة، من بينها مدافع تم نقلها إلى متحف رقادة.