أعلى

 

 

 بين الأزقة المتداخلة وفي ظل عمارات الطين التقليدية المزركشة بالحجارة الكلسية البيضاء والشبابيك الخشبية، ينتظر بائعو الحلي الفضية والعسل والعطور في صنعاء القديمة بلا أمل مجيء السياح مجددا بعد أن أرهقت مداخيلهم عشرة أشهر من الاضطرابات. وقال إبراهيم بن عبيد الذي يملك ثلاث محلات في منطقة باب اليمن المدرجة على قائمة ممنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو" للمواقع المحمية إن "دخلي انخفض بنسبة 90% منذ بدأت الأحداث في شباط/فبراير الماضي". ولا تخلو الأزقة التي تفوح منها روائح الزعتر والعود والعنبر من المتسوقين: نساء منقبات يشترين البهارات أو الثوم أو الاواني الفخارية لطبخ السلتة الصنعانية التي تؤكل كل يوم في بيوت أهل المدينة، ورجال يشحذون خناجرهم التقليدية أو يصلون في الجامع الكبير.  "الدخول إلى هذه المنطقة يشبه الدخول إلى كتاب تاريخ". بهذه الكلمات يلخص السعودي محمد الدوسري شعوره عند الدخول إلى هذا المربع المحمي والخاطف للأنفاس من صنعاء. وبحسب الدوسري "اوروبا مليئة بالاماكن الرائعة من القرون الوسطى لكن الناس يعيشون فيها حياة عصرية. في صنعاء المكان تاريخي والحياة تاريخية". إلا أن الدوسري ليس سائحا. فهو غالبا ما يأتي لزيارة خاله اليمني الذي يملك محلا لبيع الفخاريات.  ويقول خاله زبين العلي "كنت أبيع يوميا الأواني للأميركيين والفرنسيين والألمان. اختفوا الآن. بالطبع سيختفون، جل ما يسمعونه عن اليمن هو الخطف والقصف والقتل". وأشار إلى أنه كان يربح حوالي مأتي ألف ريال شهريا "840 دولارا"، واليوم بالكاد "اجني ربع هذا الرقم، وذلك يكفيني ربما للآكل فقط "..." لحسن الحظ املك منزلي ومتجري". وزار اليمن في 2009 مليون و28 ألف سائح بحسب أرقام وزراه السياحة، نصفهم تقريبا من الأجانب ونصفهم الآخر من اليمنيين المغتربين.  ويشمل هذا الرقم يشمل 44 ألف سائح أوروبي وحوالي عشرين ألف سائح أميركي وخمسين ألف سائح آسيوي وحوالي 297 ألف سائح من الشرق الأوسط هم بشكل أساسي من دول الخليج الغنية المجاورة "55% سعوديون و15% عمانيون و7% إماراتيون".