شواطئها تزدان باهداب النخيل الخضراء
ومياهها الصافية تغشل القلوب !
زرت سيشل ، وما ان حطت الطائرة علي ارض مطار الجزيرة الواعدة حتي بدأت طبول الموسيقي التقليدية تقرع فرحا بالضيوف، وعلى اسفل سلم الطائرة اصطفت الفتيات للترحيب بنا علي طريقة اهل سيشل الطيبين بتطويق اعناق الضيوف بالزهور والياسمين كدليل علي المحبة للضيف القادم من بعيد طبعا التأِشيرات تمنح مجانا في المطار لاي زائرعادي وماهي الا لحظات حتي ركبنا السيارة منطلقين الى الفندق والواقع علي شاطي البحر والمشيد علي طريقة اكواخ الصيادين القديمة. دقائق فقط للاستراحة بعدها نزلنا الي الشاطئ المزدان بالشجر والورد تقابله مياه فيروزية صافية ورمال بيضاء تذكرنا بماضي سحيق ايام الطفولة التي عشناها علي شواطئ البحر الابيض المتوسط. لايمل الزائر اطلاقا فهو مابين الاخضر والازرق طيلة الوقت ويطلق العنان لشهوة الـتأمل كي تستريح ناظريه بتلك الاطلالة الساحرة علي البحر وفي حضن الجبل الاخضر وتلك الغروب اللازوردي الاقحواني الذي يندر ان يشاهد المرء مثله في أي مكان اخر!
في اليوم الثاني للزيارة تجولنا برفقة مرشد سياحي مع عدد من الزملاء والزميلات في ارجاء سيشل بسهولها وهضابها وجبالها الخضراء وشواطئها الجميلة .
باختصار تقع سيشل الساحرة في أحضان المحيط الهندي على شكل لوحة مدارية طبيعية لم تعبث بها أيادي التغيير، ولا بصمات التطوير تمتد سواحلها آلاف الأميال في كل الاتجاهات، تشتهر بشواطئها المزدانة بأهداب النخيل الخضراء، وبمتعة الغوص بين شعابها المرجانية ذات الألوان الزاهية، وبغاباتها الكثيفة والغنية بأشكال الحياة البرية النادرة، إلا أن هذا التكوين الطبيعي المتفرد يقابله تواضع في النمو الاقتصادي للبلاد.
تتألف سيشل، من نحو 115 جزيرة تبعد نحو 1600 كيلو متر من ساحل افريقيا الشرقي، في الاتجاه الشمالي الشرقي لمدغشقر على المحيط الهندي، وتتوسط جزرها الرئيسية بقية الجزر وهي: ماهي، براسلين، لاديغو، وهي عبارة عن جزر جرانيت صخرية ومدينة فيكتوريا، وهي عاصمة الجمهورية وتقع في جزيرة ماهي أكبر الجزر، وهي أصغر عاصمة في العالم من حيث المساحة كما انها المدينة وميناء البلاد الوحيد، وما دونها من المدن عبارة عن مجموعة قرى صغيرة متفرقة، ولكونها المدينة الوحيدة في البلاد فقد حظيت باهتمام كبير مما اكسبها شكلا مميزا من حيث الجمال والتخطيط .ويعيش فيها خليط متجانس، يضم أعراقا مختلفة من الأهالي. أما بقية مدن الجزيرة فهي عبارة عن شواطئ ومنتجعات تأخذ الطابع القروي إلا أنها غنية بجميع مقومات المدنية، ومن بينها نجد قرية ،بياو فالون، وهي من أكثر المنتجعات شعبية في البلاد بشاطئها الرملي النظيف، وأمواجها المرتفعة ومياهها الصافية. وهناك أيضا قرية ،ايلي سوريس، التي تقع على الساحل الشرقي في الجزء الجنوبي. ومن الملاحظ ان المناطق الجنوبية أجمل بكثير من تلك التي تقع في الجزء الشمالي، أما قريتي،انسي سوليل، و،انسي بيتيتي، فهما منعزلتان بعض الشيء عن بقية القرى إلا ان لهما طابعا مميزا، يعكسه الجمال الطبيعي الرائع الذي تزدان به القريتان أما جزيرة ،براسلين، التي يزينها وادي ،ماي، فتمثل أروع منطقة تكثر فيها أشجار نخيل الزيت، وهي من الغابات العريقة والتي يمتد عمرها إلى حقبة ما قبل التاريخ، وتشكل خيوط أشعة الشمس بتخللها أوراق النخيل منظرا شاعريا لتلك الغابة، فضلا عن غابة الاناناس البري الضخمة التي يكثر فيها طير الببغاء الأسود الذي لا يوجد إلا في تلك المنطقة من العالم.
ومن أهم قرى ومنتجعات هذه الجزيرة ،انسي لازيو، بشاطئها الذي تكسوه الرمال الناعمة البيضاء والمياه الفيروزية الساحرة وتحدها من الشرق صخور جيرانيتية بيضاء مشكلة بذلك حمامات عملاقة. وتمتاز المنطقة بمياه ضحلة دافئة وصافية ربما سمع البعض أو الكثير منا عن جزر سيشيل، ولكن لم تكن له الجرأة الكافية للسؤال عن موقعها ومناخها، وعن الاشياء التي تشتهر بها، غير أن السؤال هنا يأتي مفيدا لأنه من المجدي معرفة واستكشاف تلك الجزر البريئة، التي لم يقم الانسان بتشويه طبيعتها، فلا تزال على سجيتها، جميلة خالية من أي مساحيق تجميلية سياحية بلاستيكية تقع الى الجنوب من خط الاستواء وتتميز بمناخ استوائي دافىء على مدار السنة، ما يجعل منها منطقة جذب سياحي، لا سيما لمحبي الاستجمام والسباحة والغوص في جميع فصول العام .
جزيرة ماهي !
تتميز براسلين بمحمية Vallee De Mai الشهيرة بأصناف فريدة من نوعها من أشجار النخيل، وأصبحت هذه المحمية تابعة لمنظمة اليونسكو عام 1972 ووضعت في قائمة المحميات الثقافية والطبيعية في العالم، يتميز هذا المعلم السياحي بوجود بذور الـ Coco De Mer التي تزن كل منها 15 كيلوغراما، وتعتبر اكبر بذرة في الكون، وكان يتم الاعتقاد في الماضي بأن هذه المحمية كانت جنة عدن الاصلية هذا بالاضافة الى وجود السلاحف الاكبر في العالم، بحيث تزن بعضها التي تسمى بـ«ازميرالدا» 304 كيلوغرامات، الى جانب وجود كائنات فريدة من نوعها مثل الطيور، ويأتي السياح من مختلف بقاع العالم الى سيشيل لرؤية أندر أنواع الطيورعلى الارض، وهناك ما لا يقل عن 12 نوعا من الطيور، التي لا توجد سوى في هذه الجزر، بما في ذلك طائر «ماغبي روبن» وطائر المغني السيشيلي الذي يعيش اليوم في جزيرة كازين التي تعتبر الآن محمية طبيعية وتعتبر الجزر السيشيلية محطة منتظمة للطيور المهاجرة من القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية المتجمدة.
في براسلين توجد أجمل الشواطئ في السيشيل، ومن اهمها شاطئ «انسي لازيو» الذي يمتد على مسافات كبيرة برماله البيضاء الناعمة وأشجار النخيل التي تسوره، كما أن هناك فرصة لا تعوض في مراقبة أكثر أنواع الحيوانات ندرة في العالم، إذ تشكل الجزر وجهة دولية رئيسة لمشاهدة التنوع البيئي وكنوزه الطبيعية من نباتات وحيوانات برية، إضافة إلى تلك الخصائص الطبيعية الفريدة، تمتلك سيشل أكبر محمية تدعى «فالي دي ماي» الوطنية، والتي تزدهر فيها نباتات جوز الهند، ويطلق على ثمرها الذي يزن 25 كيلوغراماً «كوكو دو مير»، ويصل طول النخلة إلى 30 متراً تقريباً، ولا تنضج ثمارها إلا بعد مرور تسعة أشهر عليها، وهناك اعتقاد بأن أصل هذه النخلة من الجنات الموجودة في عدن، لذلك تباع ثمرة هذه النخلة بمبالغ كبيرة قد تصل إلى أكثر من 3 آلاف دولار، كما تضم الجزر أكبر محمية للشعب المرجانية.بالاضافة الى وجود الصخور المميزة بألوانها التي تشكل موطنا للطيور والكائنات الفريدة والجميلة.
تجدر الاشارة، إلى أن كل المطاعم في جزر السيشيل المأهولة تقدم المأكولات الكريولية على طريقة الـBuffet المفتوح، حيث يتمكن بذلك السائح من تذوق أكبر قدر ممكن من الاطباق المحلية اللذيذة. وبالعودة الى جزيرة ماهي الاكبر في السيشيل، يمكنك ان تقوم برحلة الى اعلى قمة جبل فيها، حيث توجد محميات لزراعة الشاي ومناظر خلابة مطلة على العاصمة وجزر أخرى مأهولة وغير مأهولة وفي لقاء معه علي العشاء قال السيد ألان أنغ الرئيس التنفيذي لمجلس السياحة في سيشل،ان بلاده مفضلة لدي السياح ورجال الاعمال الاماراتيين بسبب القرب الجغرافي للحركة وتشابه التوقيت الزمني بين الإمارات وسيشل، الأمر الذي يدفع رجال الأعمال إلى السفر إلى تلك الجزر؛ لأنهم يستطيعون متابعة أعمالهم الموجودة في بلدانهم، وهم مستمتعون في رحلة قصيرة في سيشل.
وقال ان ليس هذا فقط ما قد يدفع السياح إلى السفر إلى تلك الجزر، الواقعة في المحيط الهندي وتمتد على مساحة 1300 كيلومتر مربع، وتضم امتدادات لانهائية من الشواطئ البيضاء المتداخلة مع زرقة البحر التي تسحر قلوب مرتاديها، فهي تتمتع بمناخ استوائي معتدل نسبياً طوال أيام السنة.
وقال أنغ إن عدد السياح الي جزر سيشل وصل إلى أكثر من 9 آلاف زائر في 2010 ، واستقبلت الجزر خلال الربع الأول من العام الجاري نحو ألفي سائح، من الامارات ودول الخليج . وقال ان افتتاح اول سفارة لسيشل في ابوظبي وبدء الرحلات المنتطمة للاتحاد للطيران من ابوظبي الي سيشل سوف يسرح بنمو العلاقات السياحية والاقتصادية وزيادة عدد السياح في الاعوام المقبلة . واشار الي ان حكومة سيشل دفعت الفنادق إلى كسر حاجز الغلاء، للتخلص من اعتقاد سائد بأن فنادقها باهظة الثمن، ولا يمكن لأي شخص أن يزورها، وقد انخفضت أسعار الإقامة في بعض الفنادق إلى 30 و40 بالمئة، وبعضها الآخر إلى 50 بالمئة، حيث يصل عدد الفنادق المتوافرة فيها إلى أكثر من 100 فندق، والشرط الأساسي لبنائها هو أن تكون غير مرتفعة، وألا تزال الصخور والأشجار، لذلك استخدمتها الجزر كزينة في ديكورات الغرف»،واكدً أن هذه الأسعار تشمل خدمات إضافية، وذلك لجذب أكبر عدد من السياح إليها. وأشار أنغ إلى دور سكان سيشل وطبيعتهم التي كان لها الأثر الأكبر في جذب السياح، لافتاً إلى طريقة التعامل التي يتبعها السكان في التعامل مع سياح الجزر كأنهم أصدقاء وضيوف، موضحاً أنهم ينتمون إلى ثقافة «الكريول»، وهم خليط متجانس من ثقافات متعددة من أوروبا وإفريقيا وآسيا، ويتحدث السكان ثلاث لغات رئيسة هي: الإنجليزية والفرنسية ولغة «الكريول»، كما أنهم منسجمون ومتسامحون مع بعضهم البعض، في حين أن أغلبية السكان من المسيحين، إضافة إلى ديانات أخرى. وقال المسؤول السياحي ان سيشل غنية جداً بمناظرها الطبيعية، ويرجع ذلك إلى كون الجزرمحاطة بشواطئ لاحدود لها، ما يجعلها فريدة من نوعها وتمتاز بالخصوصية التامة للسياح والعربمنهم على وجه التحديد: الراغبون في الاستجمام على الشواطئ والسباحة، وممارسة رياضة الغوص، والإبحار وكذلك الصيد، وركوب الدراجات المائية والهوائية .