أعلى

 

 

ما إن يقترب الموسم السياحي للأسر الخليجية حتى يبدأ ماراثون الاقتراض من البنوك لتسديد نفقات الرحلات الدولية التي اعتادوا عليها كل عام، ويبدو أن بعض الخليجيين المولعون بالسفر باتوا يتحملون قسطا وافرا من الديون الثقيلة بعد كل رحلة، حيث لا يكاد يوجد أي خليجي خال من الديون، بسبب القروض البنكية التي اعتادوا عليها، فما إن ينتهي قرض حتى يحصلوا على آخر، بل إن البعض، في منتصف طريق القرض، يحاول جدولته مع البنك ليحصل على آخر، مقابل تسديد القرض القديم، والاستفادة من الفرق. وعلى الرغم من ذلك، فإن المواطن الخليجي مولع بالسفر والسياحة، ولا شيء يوقفه عن شد الرحال إلى بلدان سياحية، بل إن الغالبية العظمى من الأسر الخليجية تضطر للحصول على القروض من أجل الاستمتاع خلال الصيف، فيما الشباب الخليجي يكاد يكون دائم السفر حتى وان كانت "سفراته" الشهرية داخل المعمورة الخليجية، مستعينا في ذلك على "الفيزا او الماستر كارد" لتسيير رحلته القصيرة.

 

هاجس السفر

الخليجيون يفضلون سياحة اوروبا على الداخلية ويرى الكاتب السعودي فلاح رحيل الشمري ان المواطن الخليجي بات السفر بالنسبة اليه هاجسا، ولا يستطيع البقاء في بلده لعام، وبما أن 90% من الشعب الخليجي يعيش على القروض، فإنه مضطر لاقتراض مزيد من الديون، ومزيد من الغرق على حد وصفه. وأكد رحيل لـ"العربية.نت" انه لم يكن بعيدا عن الغالبية، فقد بدا حياته بالقروض خلال السفر مع اسرته، لكنه وصل مرحلة لم يعد يستطع المواصلة، وقرر ان يختصر سياحته بالسيارة الى دول الخليج العربية والا تزيد عن ايام قليلة. وأضاف رحيل ان هنالك بعض اصحابه ينفقون اكثر من 20 الف دولار خلال اقل من شهر في دول اوروبية، ويعودون متخمون بالديون، مشيرا الى ان غالبية المواطنين السعوديين اعتادوا على هذا الروتين، ولو افترضنا ان مليون سعودي يسافر سنويا على اقل تقدير وينفق 20 الف ريال فإن هذا يعني اكثر من ملياري ريال فقط على السياحة في الخارج، ناهيك على الدول الخليجية الاخرى.

 

مظاهر ثانوية

عبدالله نومان الفضلي من الكويت يرى ان الاسر الخليجية، استبدلت المظاهر الثانوية وحولتها الى امور رئيسة في حياتها، مثل السيارة الفارهة والموبايل والسفر والسياحة، وهي امور ثانوية كانت في حياتنا لكنها اليوم اصبحت رئيسة. واضاف الفضلي لـ"العربية": كلما اردنا السفر هرولنا الى البنك لاعادة جدولة قروضنا مرة اخرى، من خلال طلب قرض جديد وتسديد القرض القديم، للاستفادة من فرق المبلغ، لكننا بذلك نزيد من فوائد البنوك وارباحها ونزيد في ذات الوقت من تدمير انفسنا. وشدد الفضلي على ان "المواطن" الخليجي، ليس كالاوروبي الذي ينفق حسب ميزانيته ويسكن في فنادق رخيصة، ويركب القطارات ويحاول ان يقلص الانفاق في الخارج، بل يفضل فنادق الخمس نجوم، واستخدام سيارات الاجرة، والاكل في المطاعم، ويتعامل في الخارج كـ"ملك"، لكن هؤلاء لا يعلمون انه عندما يعود الى بلاده يظل "يشفط" سيجارته في آخر الليل ويظل متجهما طوال العام ويفكر كيف يخرج نفسه من ورطة "رفاهية شهر"!! واعترف الفضلي انه كغيره من الخليجيين، الذين اقترضوا، وفوق ذلك فهو يعتمد على "الفيزا" في سفره الى الخارج مبينا انه انفق اكثر من 14 الف دولار خلال 3 أسابيع في لندن.

 

مها المطيري من الكويت، تعترف بان الانسان الخليجي، لا يعرف كيف يسير حياته، ولا تنتقد الاخرين بقدر انتقاد ذاتها، فهي قامت وزوجها الصيف الماضي باقتراض 25 ألف دولار من اجل السفر الى تركيا مع اولادهما لمدة شهر.. وأوضحت المطيري لـ"العربية.نت" ان مشكلة الخليجيات ايضا هو المظاهر فهي لا ترغب بفندق اقل من خمس نجوم بالإضافة الى سائق وخدامة، وما الى ذلك من امور ثانوية اخرى. ورأت بنت المطيري ان 90 % من الكويتيين يسافرون بالأقساط المريحة، ومؤسسات السفر والسياحة باتت تغري المواطن الخليجي وتغازله بتذاكر واقامات في الفنادق بالأقساط، وهو الامر الذي جعل الكثير يفكر في السياحة السنوية، موضحة ان المشكلة الحقيقية التي نواجهها ان السياحة الخليجية الداخلية مكلفة اكثر من السياحة في اوروبا او شرق آسيا.