شلالات مائية بجبال الأطلس المغربية
يشكل التنوع الطبيعي والغنى الثقافي والحضاري بالمغرب أحد أهم الدوافع التي تجعل الراغب في زيارة المغرب يحتار في المنطقة السياحية التي يريد. وإذا كان هناك من السياح من يكتفي من مراكش بساحاتها، والرباط بأسوارها، وفاس بأزقتها، والصويرة برياحها، وطنجة بلياليها، ومكناس بأسوارها، وأغادير بشاطئها، وورزازات بكثبانها الرملية، وزاكورة بقصورها العتيقة، فإن آخرين يفضلون طبيعة جبال الأطلس، خاصة المنطقة التي تحيط بسلسلة جبال الأطلس المتوسط، في جهة تادلة أزيلال، حيث يمكن للسائح أن يهيم بين طبيعة خلابة تتضمن وديانا وشلالات وقصورا وحكايات لا يجمع بينها إلا راحة البال ومتعة الزيارة. ويقع جزء كبير من سلسلة جبال الأطلس المتوسط في منطقة جهة تادلة أزيلال، التي تتوسط خريطة المغرب. ومن أشهر مدن الجهة نجد بني ملال وأزيلال وقصبة تادلة والفقيه بن صالح. ومن بين هذه المدن تتميز بني ملال بمدار «عين أسردون» السياحي، وأزيلال بشلالات «أوزود.
ويمكن للسائح، قبل الوصول إلى بني ملال، بنحو مائة كيلومتر، قادما إليها من فاس، أن يستمتع بالمناظر الفاتنة التي توفرها شلالات «تامدة» و«سيدي بوغنداز» بمنطقة زاوية الشيخ، مثلا، حيث تبدو شلالات «تامدة» الصغيرة كما لو أنها تلخص وتقدم للجمال الذي ينتظر السائح في بني ملال، أما شلالات «سيدي بوغنداز» فتعطي صورة مصغرة عن شلالات أزيلال. وتعتبر بني ملال، التي تحتضن عين «أسردون»، إحدى المدن المغربية القليلة التي تغنّى بجمال طبيعتها الشعراء والفنانون، إلى درجة أنهم لقبوها «تُونسْ الخضْراء»، تماما كما غناها مطربو الفن الشعبي، إضافة إلى أنها المدينة التي يتجاور ويتعايش فيها الأمازيغي والعربي، دون حساسيات، تماما كما صدح فنان الأطلس الراحل محمد رويشة، حين ردد ذات أغنية: «شلح وعربي حتى يعفو ربي» أي «أمازيغي وعربي، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. من جهتها، تصنف «أوزود» كمصطاف بمواصفات طبيعية هائلة وشهرة عالمية، حيث لا تكاد تخلو المطويات والكتيبات التعريفية الخاصة بالمغرب السياحي من ذكر شلالاتها وطبيعتها الفاتنة. ويمكن للسائح أن يصل إلى شلالات «أوزود»، سواء كان قادما من مراكش أو من بني ملال. وتلتقي تدفقات مياه وادي «أوزود»، الذي يتشكل من ثلاثة منابع، في مجرى واحد، يصب، بعد نحو كيلومتر، في وادي العبيد، الرافد الأساسي لنهر أم الربيع، أهم أنهار المغرب. ويرجع البعض تسمية «أوزود» إلى أصول ومعاني أمازيغية، تعني إحداها «الدقيق الذي يخرج من المطحنة»، فيما يحيل آخر على كلمة «أوزو»، أي أشجار الزيتون.