أعلى

 

 

جائت على صفحات صحيفة نيويورك تايمز لا تزال بورما بلد المعابد الذهبية الذي انعزل عن العالم لفترة طويلة والذي لا زال يحافظ على طابعه الاصلي ويتميز بحفاوة الاستقبال بعيدا عن التصنع او الأهداف السياحية الصرفة وقد صنفت الصحيفة بورما في المرتبة الثالثة من تصنيق ضم 45 وجهة سياحة اوصت بزيارتها في العام 2012. الان وبعد مرور 50 عاما من حكم ديكتاتوري عسكري انعزل خلاله هذا البلد عن العالم وخضع لمقاطعة سياحية مشددة، دعمتها المعارضة ومناصرة الديموقراطية الشهيرة آونغ سان سو تشي يقول هذا البلد بإن فنادقه محجوزة بالكامل إن لم تكن أسعارها خيالية والدولارات الممزقة مرفوضة وبطاقات الائتمان معدومة الفائدة، فأهلا وسهلا بكم في بورما التي باتت وجهة سياحية جد رائجة لا تعرف كيف تحتوي هذا السيل المتدفق من السياح.
 

بعد عام واحد على حل المجلس العسكري في آذار/مارس 2011 وسلسلة من الإصلاحات السياسية المذهلة، زالت هذه الوصمة. ولم تعد بورما مقصدا صالحا للسياحة فحسب، بل أمست ايضا وجهة تستقطب السياح. وهذا الحماس الصادق بقدر ما هو مفاجئ يشكل تحديا هائلا في قطاع ناشئ. وقال توماس مونس أحد المسؤولين في فندق “غوفرنرز ريزيدانس” في رانغون وهو من الفنادق الفاخرة المكتظة دائما بالسياح “صراحة، لا أظن أن بورما قادرة في هذه المرحلة على تلبية طلبات السياحة الجماعية”. وفي معبد شويداغون الشهير في رانغون، بات على الرهبان الملتحفين بأرداء احمر داكن والمعتادين على الهدوء أن يشقوا طريقهم وسط جمع غفير من السياح يحاولون بدورهم أن ينعزلوا عن الآخرين لالتقاط الصور. فالرحلات الجوية الدولية المتجهة إلى بورما شهدت ارتفاعا شديدا، مع 365 ألف سائح زاروا رانغون في العام 2011، أي أكثر ب 22% من العام الماضي وضعف النسبة المسجلة في العام 2003.
 


ومن المرتقب أن تسجل هذه السنة أرقام قياسية جديدة، مع 175 ألف رحلة وصلت إلى مطار العاصمة السابقة بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل، بالمقارنة مع أقل من 130 ألف رحلة خلال الفترة عينها من العام 2011. وقد خاب أمل بعض السياح المعتادين على زيارة بورما، من أمثال الألماني كلاوس (61 عاما) الذي يزور البلاد للمرة الثالثة ويتأسف قائلا “السياح جد كثيرين هذه المرة”، في فترة لا تشهد إقبالا كثيفا عادة بسبب ارتفاع الحرارة إلى أعلى درجاتها. وهو أضاف “كان عمال الفنادق من قبل جد لطيفين والبسمة كانت دوما على وجوههم وهم كانوا يهتمون بنا، لكن ما من وقت لديهم اليوم لكل هذا … وباتت أسعار الفنادق خيالية”. فالفنادق “مكتظة أكثر من أي وقت مضى”، لا سيما في رانغون وهي قد زادت أسعارها تاليا، على ما أكد بهوي واي يار زار من مكتب السياحة في بورما. لكن المسكن ليس العائق الوحيد في وجه السياح الغربيين الذي عهدوا سياحة سهلة في منطقة جنوب شرق آسيا عموما، وتايلاند المجاورة خصوصا. فالفنادق كلها تقريبا لا تقبل بطاقات الائتمان، ما يدفع المسافرين المحتاطين إلى تأمين السيولة الكافية لنفقاتهم جميعها بالدولارات.
 


وبفضل الإصلاحات النقدية التي أطلقت اخيرا، بات من الممكن صرف الأموال بأسعار تنافسية في المكاتب الرسمية بدلا من اللجوء إلى السوق السوداء، لكن ينبغي تقديم دولارات نظيفة لا يشوبها أي عيب، وإلا رفضت الاموال. وأخبر بهوي واي يار زار بأسف أن “سياح كثيرين وصلوا إلى بورما من دون الاطلاع على المعلومات اللازمة، ولم يحملوا معهم سيولة تكفيهم طوال فترة إقامتهم”. وينبغي ألا يغيب عن بال السائح كذلك أن بورما تبقى من البلدان الأكثر فقرا في العالم.