شركات الطيران ومبيعات الصيف
في عام 2010 بلغت الأرباح الصافية المتراكمة لشركات الطيران 15.8 مليار دولار قبل أن تتراجع إلى 7.9 مليار في 2011. أما في 2012 فتشتد المنافسة بين شركات صناعة الطائرات العالمية معركة للفوز بطلبيات الشراء، حيث تجتمع في العاصمة الصينية بكين ما يضع كبرى شركات القطاع في العالم في مواجهة وسباق للفوز بصفقات قيمتها 50 مليار دولار. وتغطي الصفقات المحتملة جميع قارات العالم وشتى أنواع الطائرات من طائرات الركاب إلى الطائرات العسكرية وطائرات رجال الأعمال الفاخرة، ما يحمي العاملين في قطاع صناعة الطائرات من تداعيات التباطؤ الاقتصادي الناجم عن أزمة ديون أوروبا. وقال محللون إن على “إيرباص” الأوروبية و”بوينج” الأمريكية، أكبر شركتين لصناعة طائرات الركاب في العالم، أن تقدما تخفيضات ضخمة للتغلب على عدم التيقن الاقتصادي السائد وبصفة خاصة في طرز الطائرات التي في الخدمة منذ وقت طويل وأيضا للدفعات الأولى من الطائرات الجديدة مثل 787 دريملاينر. ومن المتوقع أن تفوز “بوينج” بسباق الطلبيات السنوي المحتدم بشدة، وذلك للمرة الأولى منذ 2006 مع مواكبتها لقرار منافستها “إيرباص” تحديث الطائرات متوسطة المدى، ما سيحقق وفرا كبيرا في استهلاك الوقود في طائرات “إيرباص إيه 320″ وطائرات “بوينج 737″.
واستعدت الشركتان الكبيرتان أيضا في وقت مبكر وبشكل جيد لمعرض فارنبورو للطيران الشهر المقبل مع الإعلان عن صفقات بقيمة 14 مليار دولار في الأيام الثلاثة الأخيرة. وتتبادل “بوينج” و”إيرباص” الاتهامات بشن حرب أسعار للفوز بمئات الطلبيات فيما يتعلق بتحديث الطائرات إيه 320 نيو و737 ماكس. ويقول محللون: إن أسعار الطائرات تواجه ضغوطا هذا العام. ورغم أن تحديث تلك الطائرات يوفر 15 في المائة من استهلاك الوقود، وهو ما يشكل أعلى تكلفة في صناعة النقل الجوي، إلا أن معظم شركات الطيران ما زالت تواجه ضغوطا مالية وأرجأ بعضها تسليم الطائرات لدعم سيولتها النقدية. وتتوقع شركات الطيران المجتمعة في بكين أن تسمع من الاتحاد الدولي للنقل الجوي “اياتا” أنه أبقى على توقعاته لأرباح القطاع في عام 2012 دون تغيير عند ثلاثة مليارات دولار، لكن القلق يتزايد مع مناقشة أوروبا حزمة انقاذ جديدة وتباطؤ الاقتصاد في الصين. وتجري شركات صناعة الطائرات الكبرى مفاوضات في بكين على هامش اجتماع “اياتا” الذي يأتي قبل معرض فارنبورو للطيران في بريطانيا في الفترة من التاسع إلى الـ15 من تموز (يوليو).
وإذا سارت الأمور كما يتوقع البعض في الصناعة فإن “بوينج” يمكن أن تزيد عدد الطلبيات المؤكدة لطائراتها المتطورة 737 ماكس لمثليه إلى نحو ألف طائرة بنهاية معرض فارنبورو. وربما تتراجع “إيرباص” إذا لم تكن هناك مفاجآت مثل طلبيات جديدة لطائرتها العملاقة إيه 380. وأعلنت “إيرباص” الجمعة أن مبيعاتها من الطائرة إيه 320 نيو المعدلة بلغت 1425 طائرة منذ إنتاجها، ما يمنحها حصة قدرها 76 في المائة في سوق الطائرات متوسطة المدى التي تشهد منافسة ساخنة. ومع مرور الوقت من المتوقع أن يتعادل ميزان القوى بين “بوينج” و”إيرباص”. ولدى “بوينج” مبيعات مؤكدة تبلغ 414 طائرة 737 ماكس وتظهر بياناتها وجود طلبيات مبدئية لشراء 549 طائرة على الأقل. ومن جهة أخرى، يلقي ارتفاع سعر النفط وأزمة الديون في أوروبا بظلالهما على آفاق شركات الطيران التي اجتمعت أمس في بكين في إطار الاجتماع السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي “اياتا”.
وصرح رئيس مجلس إدارة الاتحاد توني تايلر لصحافيين في العاصمة الصينية الخميس “أن أسعار النفط مرتفعة بالرغم من تراجعها المعتدل بعد الارتفاع إلى مستويات قياسية أخيرا”. وأوضح أن التوقعات الأخيرة للنتائج المالية للقطاع في 2012 التي تعود إلى آذار (مارس) الماضي تستند إلى سعر برميل النفط البرنت بـ115 دولارا لكن سعر البرنت بلغ 118 دولارا كسعر وسطي خلال الأشهر الخمسة الأخيرة. وفي لندن أقفل برميل البرنت المستخرج من بحر الشمال تسليم تموز (يوليو) الجمعة على 99.47 دولار. وحذر تايلر من أن “انخفاض أسعار النفط أمر جيد بالنسبة إلى الصناعة، لكن إن دخل العالم في مرحلة كساد اقتصادي سيصبح ذلك أسوأ”، متوقعا أن يبقى سعر النفط مرتفعا على المدى الطويل. وأشار تايلر إلى أن سعر الوقود لم يكن يمثل أثناء الاجتماع العام الأخير للاتحاد الدولي للنقل الجوي الذي انعقد في الصين في 2002، سوى 14 في المائة من نفقات الشركات، مقابل نحو 34 في المائة حاليا.
إلى ذلك تثير السوق الأوروبية قلق شركات النقل الجوي بالرغم من نمو حركة نقل الركاب بنسبة 5.6 في المائة في نيسان (أبريل) على مدى سنة، أي أكبر من الولايات المتحدة (1.3 في المائة). ولفت تايلر إلى أن “أزمة الديون السيادية في أوروبا لم تحل بعد ونرى مؤشرات تدل على أنها بدأت تؤثر على اقتصاديات آسيا خصوصا على الصادرات”. وستكون أوروبا والنفط عنصرين حاسمين بالنسبة إلى التوقعات الجديدة بشأن النتائج المالية لشركات النقل الجوي التي ستنشرها “اياتا” اليوم. وأشارت آخر توقعات إلى ربح صاف متراكم للقطاع لا يتجاوز ثلاثة مليارات دولار (2.4 مليار يورو) هذه السنة، أي مع هامش من 0.5 في المائة فقط.