أعلى

 

 

باتت الخيارات محدودة أمام الأسرة السعودية في مواجهة 90 يوماً من الإجازة بعد أن أنهوا عاماً دراسياً كاملاً، فالفعاليات الصيفية تمتاز بالرتابة والملل وعدم التجديد في نشاطاتها التي تتكرر كل عام، فيما لم تعد الأندية الصيفية تشد الشباب. وفي ظل هذه الخيارات المحدودة، فضل كثيرون من سكان المدن ذوي الأصول الريفية سياحة الأرياف مع أبنائهم ليجدوا في أزقة القرية متنفساً حراً يمنح أبناءهم العيش فترات استجمام بعيدة عن الشارع الذي ظل مأوى لأبناء الأحياء في المدن الكبيرة وشكل نقطة قلق لدى الوالدين. ما أن ينهي الوالدان آخر يوم عمل حتى يشدوا أمتعتهم للرحيل إلى الريف، حاملين معهم تعب عام كامل ومتفائلين بقضاء إجازة ريفية تجمعهم بأقاربهم وأبناء عمومتهم داخل قرية صغيرة حملت بين جنباتها قصصاً من حياة الآباء في الصغر ليسردوها لأطفالهم من خلال رحلات يومية سيراً على الأقدام وزيارة أبرز الأطلال التي عاشوا فيها حقبة من الزمن.


ويحرص الآباء خلال الإجازة الصيفية على زيارة المنازل القديمة واستعراض المواقف العالقة في أذهانهم التي حدثت لهم في زوايا منزل لا يزيد على غرفة وصالة طعام في محاولة منهم لتثقيف الأطفال عن حياتهم وثقافتهم منذ القدم والمعاناة وصعوبة الحياة آنذاك. ولم تكن وحدها البيوت القديمة ما يحرص عليه هؤلاء الأفراد، إذ شكلت المزارع موقعاً جديداً يعرضون من خلاله حرفة الزراعة والترويج للمنتجات داخل الأسواق الأسبوعية التي تحتضنها المنطقة، حيث يشرعون في إعداد مكان خاص لتجمعاتهم داخل كل مزرعة من أجل النسيم العليل وفنجان شاي بنكهة الحبق البري وأحاديث تسرد واقعهم وأخرى تسترجع تاريخهم في تلك القرية الصغيرة إلى جانب قصائد شعرية شعبية، في حين أطفالهم يتنقلون بين الحقول الزراعية في لهو مستمر لا يريدون أن تنتهي فصوله.

 

الأطفال يجدون في الريف ما يضاهي سفرهم لإحدى الدول الأوروبية وينتظرون بفارغ الصبر الإجازة الصيفية هرباً من ارتفاع درجات الحرارة وضجيج حياة المدينة بعد أن منحتهم القرية حرية مطلقة في تحركاتهم من دون قيود ومراقبة الوالدين. من جانبهم، سعى سكان الريف لخلق أجواء سياحية من خلال فعاليات صيفية متنوعة قامت عليها شخصيات رائدة ولها حراكها في المجال الترفيهي، شملت سباق الجري للشباب والأطفال ودوري كرة قدم وملتقى الشعر والألعاب في موقع يجتمع فيه سكان الريف، حيث نالت تلك الملتقيات دعماً مالياً من قبل أهالي القرية، إلا أن مستقبل هذه الملتقيات التي اعتمدت على اجتهادات شخصية من قبل سكان القرى أخذ في مد وجزر كل عام وتركت بحسب نشاط الشخصيات الفاعلة والقائمة عليها، كما أنهم حرصوا على توثيق نشاطاتهم عبر تسجيلات مباشرة تنقل من خلال مواقعهم الرسمية على شبكة الإنترنت.

 

وبيد أن المرأة استثنيت من تلك الملتقيات، وظل ترفيه المرأة محصوراً في محاضرات دينية وطبق خيري يكون ريعه لصالح الأسر الفقيرة في الريف، وظلت تتابع نظيرها الرجل عبر التغطيات الإعلامية على المواقع الإلكترونية ولم تتقدم لعمل ملتقى صيفي لعدم توافر مكان ملائم يكفي لأعدادهن التي قدرت بنحو 1000 سيدة في الضاحية الواحدة. وبسبب انعدام النشاطات السياحية، تقضي النساء جل وقتهن في إنهاء الواجبات الاجتماعية وحضور حفلات الزواج والتجمعات التي تشبع رغباتهن.