أعلى

 

 

باريس عاصمة الرومانسية بامتياز، كل ما فيها يدغدغ المشاعر، من الموسيقى إلى المقاهي التي تواجه مقاعدها واجهة الطريق ليبرز فيها الأحباب عشقهم على الملأ، إلى اللغة الفرنسية بحد ذاتها التي تصل إلى أذنيك وكأنها أنغام. فهي عاصمة الفن والأدب والجمال والشاعرية والهندسة والأكل والقصور. وبما أننا أتينا على ذكر القصور، فلا بد أن نذكر القصر الأكثر شهرة في باريس، قصر الإليزيه الرئاسي الواقع في شارع «فوبور سانت أونوريه» الذي يعتبر من أكثر الشوارع أناقة في العاصمة والقريب من شارع الشانزليزيه الأشهر في العاصمة. ولكن إذا أردت اختبار تجربة الإقامة في قصر يقع على مرمى حجر من القصر الرئاسي ويعتبر من أقدم قصور المدينة، وتريد أن تشعر بهوية باريس الفرنسية الحقيقية، فالمسألة سهلة، ففندق «لو بريستول» هو قصر كل ما فيه يتكلم بالفرنسية، المبنى من الخارج، الموقع، المدخل، الجدران، الجداريات، الحدائق، وحتى المصعد الذي لا يزال على حاله بالضبط منذ أن بني القصر في القرن السابع عشر، تدخل إليه عبر باب حديدي مزخرف بأوراق شجر مذهبة. عندما تصل إلى القصر الذي تحول إلى فندق، تشعر بالرهبة، المدخل فسيح، الأسقف عالية جدا، الجدران مزينة بالجداريات الرائعة، والمفروشات الفرنسية التقليدية التي تجدها في القصور. ويختصر مدير عام الفندق ديدييه لو كالفيز وصف الفندق بجملة قصيرة ومفيدة: «لو بريستول أكثر فندق (فرنسية) في باريس». وستفهم هذا الوصف عندما تزور الفندق الذي يعتبر من أكثر الفنادق الفرنسية التي خضعت لعمليات تجديد وتحسين وتكبير ولا تزال تحافظ على نمطها القديم.
 

يفتخر الفندق بأن امتلكته عائلتان فقط منذ افتتاحه عام 1925، العائلة المالكة الأولى كانت عائلة جاميت الفرنسية، وبعدها امتلكته في عام 1978 عائلة أوتيكر الألمانية، وهو تابع اليوم لـ«مجموعة أوتيكر» العالمية التي تضم عددا كبيرا من الفنادق مثل «نامسكار» في مراكش و«برينيرز» في مدينة بادن بادن في ألمانيا، وغيرهما. في عام 2009 خضع الفندق لعملية تحديث واسعة بلغت كلفتها أكثر من 100 مليون يورو، وأضيف إلى الفندق جناحان إضافيان هما «جناح شهر العسل» والجناح «الإمبراطوري»، وأشرفت المالكة السيدة مايا أوتيكر إلى جانب المهندس العالمي بيار إيف روشون على تصميم ديكور الغرف والمطاعم، وأضافت أوتيكر لمسة أنثوية واضحة على جميع الغرف والأجنحة، واعتمدت على الأسلوب الفرنسي التقليدي الذي تجده في البيوت الفرنسية القديمة، مثل الستائر المنقوشة بالورود، ديكور كل غرفة يختلف عن الآخر، إلا أن النمط الفرنسي يسيطر على المشهد، الأجمل في الفندق هو أنه يطل على أجمل معالم باريس وأفقها الرائع، وتطل من إحدى شرفاته على برج إيفل، في حين أن بركة السباحة تقع في الطابق الأخير وبتصميم يجعلك تشعر وكأنك على متن قارب، وشرفة صغيرة تطل على شوارع المدينة.

 


 
حاز الفندق عدة جوائز عالمية، من بينها جائزة أفضل فندق في العالم عام 2008 من قبل «إنستيتيوشنال إنفستر ماغازين»، ومنح لقب «قصر فندق» ليكون بذلك أول «فندق قصر» في باريس. يتمتع الفندق بمزايا عدة أولها موقعه في وسط المدينة، ولكن في الوقت نفسه تشعر داخله كأنك ذهبت في رحلة إلى ريف فرنسا الشاعري، كما أنه ضمن عمليات التحديث تم افتتاح مركز صحي فيه تحت إشراف «لا بريري»، وصنفته مجلة «كوندي ناست» بين أفضل 35 مركزا صحيا جديدا في العالم. تتميز غرف العلاج في السبا بأنها تطل على الحديقة الخارجية؛ فالنور فيها طبيعي مما يساعد على الاسترخاء، كما أنه يتم استعمال منتجات «لا بريري» السويسرية الشهيرة، ويضم المركز الصحي غرفة خاصة لرعاية الأطفال في الوقت الذي يخضع فيه الأهل لأي علاج. المعروف عن فندق «لو بريستول» أنه القاسم المشترك ما بين نجوم الماضي والحاضر، فيفضله نجوم هوليود والسياسيون والدبلوماسيون، ومن بين زواره في الماضي الأسطورة مارلين مونرو وتشارلي شابلن، واليوم أصبح مكان الإقامة المفضل للنجمة أنجلينا جولي، واختاره الممثل والمخرج وودي ألان ليكون موقع التصوير الرئيسي في فيلمه الأخير «ميدنايت إن باريس».

 
ويضم الفندق مطعم «إبيكور» الحائز 3 نجوم ميشلان للتميز، والذي يعتبر المطعم المفضل لدى نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق ويزوره باستمرار للتمتع بالوجبات الرائعة التي يبتكرها الشيف إريك فريشون الذي يقدم المأكولات الفرنسية الكلاسيكية في قالب من العصرية، وتعتبر ابتكاراته وطريقة عرضه للأطباق من أجمل ما يمكن أن تراه في المطاعم الفرنسية في باريس، ويطل المطعم مباشرة على الحديقة الخارجية للفندق الواقعة في وسط المبنى. وفي حين يعتبر ساركوزي مطعم «إبيكور» ويعني «الذواق» المطعم المفضل الذي لا يستغني عن زيارته، تفضل السيدة الأولى السابقة كارلا بروني البراسري التابع للفندق «114 فوبور» الذي يعتبر أكثر عصرية وأجواؤه أقل رسمية، مأكولاته عالمية يشتهر بتقديم طبق الهامبرغر بطريقة مميزة ويشرف عليه الشيف إريك ديزبورد، وحصل البراسري على جائزة «أفضل تجربة طهي» في أغسطس (آب) من العام الماضي.

 


 
تبلغ مساحة الحديقة الخارجية 1200 متر مربع، تسمع فيها زقزقة العصافير التي تستيقظ على أصواتها ولأول وهلة يخيل إليك أنك نائم في أحضان الطبيعة في أحد الأرياف، ويتوسط الحديقة نافورة تعرف باسم «نافورة العشاق»، ولا عجب لهذه التسمية، فكل ما في هذه الحديقة يوحي بالحب والهيام. توزع في الحديقة طاولات من الحديد المشغول، تكسوها المفارش البيضاء وتظللها الشماسي البيضاء أيضا لتزيد تلك الفسحة الخضراء في وسط المدينة هدوءا وشعورا بالراحة، تقدم المأكولات في الحديقة في أطباق من إنتاج «رينو» في منطقة ليموج الشهيرة، والسكاكين والشوك والمعالق من الفضة الخالص من تصميم «كريستوفل»، والأكواب صنعت يدويا من كريستال «باكارا»، وتوضع على جميع الطاولات فراشة من الكريستال للمحافظة على أسلوب الفندق الذي يتميز بحديقته الجميلة التي تزين جدارها الرئيسي قطع من الخشب والمرايا الصغيرة التي تضيف وسعا للمساحة الحقيقية. وإضافة إلى زوار الفندق من الممثلين والنجوم والسياسيين هناك ضيف دائم في الفندق هو «قط البريستول» الذي يطلق عليه اسم «فرعون» أبيض اللون الذي أتي به مباشرة بعد ولادته، وهو بالفعل قط مدلل تراه يمدد جسمه الذي يكسوه الوبر الأبيض الناعم على سلم البهو الرئيسي، وكل العاملين في الفندق يدللونه، ووجوده يشعر الزائر بأنه في مكان مألوف أو في منزل وليس في فندق يزوره الغرباء ويتركونه غير آبهين.


 
«لو بريستول» فندق وقصر وأكثر.. لأنه يضم كل الصفات التي تجعل من الإقامة فيه تجربة ناجحة، فغرفه واسعة بعضها يطل إلى الخارج والبعض الآخر يطل على الحديقة، الأجنحة الجديدة عنوانها العريض «الحميمية» والرومانسية، وتعتبر حمامات الغرف والأجنحة الأكبر في باريس مقارنة بباقي فنادق العاصمة من الفئة نفسها (5 نجوم) ويوجد ببعضها حمامات بخار. اللافت في تصميم الأجنحة الجديدة التي أضيفت إلى الفندق مؤخرا، الأسقف المنحنية والألوان الدافئة والمفروشات الفرنسية البحتة والستائر السميكة التي تكسو الشبابيك والأبواب. للصغار حصة أيضا في الفندق، عند وصول الصغار إلى الفندق يتم تقديم ألعاب خاصة بكل منهم إلى جانب هدايا أخرى، وهناك برامج خاصة تنظمها إدارة الفندق، من بينها رحلات مشي في المدينة للتعرف إليها بشكل جيد. وهناك لوائح طعام في الغرف مخصصة للصغار، وفي عام 2011 افتتح الفندق «نادي الصغار» ويقع في الطابق الأول، ولا تنتهي رحلة الصغار في الفندق وإنما تبقى في ذاكرتهم أيضا بعد مغادرتهم، إذ يقوم الفندق بتسجيل تاريخ ميلاد كل منهم ويتم إرسال بطاقة معايدة خاصة لتذكيرهم بالمغامرة الجميلة التي قضوها في الفندق.

 

 للمزيد من المعلومات: «www.lebristolparis.com»