في كل مرة يتجدّد الحديث عن السياحة في لندن، يقفز وسط الكلام ما يلمح إلى سحر التسوق في شوارعها ومراكزها التجارية العريقة. وكأن السفر إلى ما يعرف ببلاد الضباب لا يكتمل إلا بقائمة من المشتريات التي تكتسب قيمتها بمجرد أنها آتية من هناك. حتى أن جاذبية التسوق التي تسجلها الواجهات ذات الطابع الإنجليزي تطغى أحياناً على اهتمام البعض بزيارة أهم المعالم التاريخية للعاصمة البريطانية. العائلات الخليجية هي من أكثر المخلصين للسفر إلى لندن، إذ إنها تضع دائماً هذه المدينة ضمن أولوياتها مقارنة مع وجهات سياحية أخرى. وتشير الإحصائيات الآخذة في الارتفاع عاماً بعد عام، إلى أن عدد المسافرين من دول الخليج إلى العاصمة البريطانية يُسجل أعلى معدلاته ليس فقط خلال إجازة الصيف، وإنما كذلك بالتزامن مع العطلات المدرسية. فقضاء الإجازة في لندن يتطلب مدة كافية لتحقيق الاستجمام والتأمل والتجول في الأسواق التقليدية المفتوحة منها والمغلقة وعلى رأسها “سفن دايلز” في حي “كوفنت جاردن" .
وتتحدث كارول ماديسون مديرة هيئة السياحة البريطانية في الإمارات عن الاهتمام الذي يحظى به المسافر القادم من الدولة إلى عموم المدن الإنجليزية. وتقول: إنه مع تعدد مواقع الجذب في المقاطعات البريطانية، ولا سيما الفعاليات الرياضية والمناسبات العامة، غير أن الإقامة المحببة أثناء السفر إلى المملكة هي في الغالب داخل مدينة لندن. وتشير إلى وجود رابط تاريخي يجمع بين هذه المدينة المتألقة وعشاق التردد إليها. وتلفت إلى أنه بالرغم من امتلاك الكثيرين شققاً خاصة في لندن، غير أن معظمهم يفضلون الاستمتاع بتجربة الضيافة في فنادقها ومطاعمها. وتذكر كارول ماديسون أن مجموعة واسعة من العروض تعمل موسمياً على استقطاب العائلات الإماراتية، مما يشجعها على السفر بقصد الترفيه والتسوق من جهة، والاطلاع على أبرز الفعاليات القائمة فيها على مدار السنة من جهة أخرى. وبينها مسرحيات شكسبير على مسرح “ريجينت بارك” المفتوح، وحفلات الـ “بي بي سي” الصيفية التي تعج بنخبة من أهم الموسيقيين العالميين. وكذلك مهرجان “نوتينج هيل” الذي يعد من أضخم المهرجانات التي تقام في شوارع أوروبا.
وتورد مديرة هيئة السياحة البريطانية أن الحجوزات التي تتم من الإمارات قبل 30 سبتمبر الجاري سوف يستفيد أصحابها من عروض تشجيعية من الفنادق ذات الأربع والخمس نجوم للإقامة المطولة. وأبرزها الإقامة المجانية للأطفال واقتراح برامج ترفيهية مناسبة لهم. أما رجال الأعمال فيمكنهم إطالة فترات إقامتهم وتوفير ما يصل إلى 40 بالمائة على سعر الغرف. بالانتقال إلى سياحة التسوق التي باتت الصفة الأكثر تلاصقاً للعاصمة البريطانية، تتصدَّر لندن أهم الوجهات العالمية في مجال الأزياء والأناقة العصرية. وهي تشد أنظار السياح من مختلف الأقطار نحو الموضة الرائجة لديها وتوجهاتها وفقاً لآخر الخطوط والألوان. ويعلم عشاق الموضة والأناقة أنهم بمجرد زيارة أي من مقاطعات بريطانيا، فإنهم بلا شك سوف يعرجون على لندن للتمتع بأفضل تجارب التسوق في مراكزها التجارية الفاخرة والتي تنتشر في أهم شوارعها وأشهرها على الإطلاق. والتي تتيح فرص التسوق بما يتناسب مع مختلف الميزانيات، بداية من المتجر الكبير والمتعدد الأقسام “سيلفريجز” مروراً بـ “برلينجتون أركيد” منطقة التسوق الأطول والأقدم في إنجلترا، وصولاً إلى الفرص المتنوعة للاستفادة من العروض المميزة في قرية “بستر فيلج”.
ويذكر برونو باربا مدير العلاقات العامة لدى متاجر “سيلفريدجز” أن بريطانيا تشتهر بأناقتها الفاخرة والمميزة التي ترسي توجهات الموضة والأناقة العالمية. ويشير إلى أن الزوار القادمين من منطقة الخليج العربي ينعمون عادة بأجواء تسوق مريحة وتجارب فاخرة توفرها أماكن التسوق الكلاسيكية والحديثة المنتشرة في البلاد. ويورد برونو أن متجر “سيلفريجز” يعتبر واحداً من أبرز المتاجر العالمية الشهيرة التي تشكل وجهة سياحية قائمة بحد ذاتها في لندن. وهو أحد أبرز معالم المملكة المتحدة لما يزيد عن قرن من الزمن، متحدياً بذلك قوانين تجارة التجزئة منذ عام 1909. ويواصل هذا المعلم الرائد في شارع “أكسفورد” مع متاجره الثلاثة تحديد مسار تجارة التجزئة في القرن الـ 21، إذ يضم المساحة الأكبر في العالم لعرض الأحذية النسائية. أما سوق “برلينجتون أركيد” الذي يعتبر من أقدم الأسواق التقليدية في لندن، فهو أشبه برواق مسقوف يضم على الجانبين عدداً من أفخم دور الأزياء والحلي والعطور والشوكولاتة. وهو أحد المعالم الفاخرة في لندن لكونه السوق الأطول والأقدم في إنجلترا الذي لا يزال يفتح أبوابه أمام الزوار والمتسوقين منذ عام 1819. وذلك في موقعه المميز بين شارع “بوند ستريت” ومنطقة “البيكاديللي”.
ويضم السوق أكثر من 40 متجراً متخصصاً وعلامة رائدة لأشهر بيوت الساعات الكلاسيكية الرجالية والأحذية المعدة وفق الطلب. الأمر الذي يجعله المركز المفضل لدى الطبقة الملكية والمشاهير ونخبة المجتمع البريطاني. وتقول كارول ماديسون مديرة هيئة السياحة البريطانية المقيمة في دبي: إن زيارة معالم التسوق الكلاسيكية الرائدة في لندن تعزز من خبرة الزوار القادمين من منطقة الخليج العربي في مجال الأناقة والموضة. وتنصح بزيارة السوق الشهير الواقع في الطرف الغربي من مدينة لندن مقابل شارع “ريجنت”. وتلفت إلى أنه يضم 600 متجر و40 مسرحاً مشهوراً و30 متحفاً وصالة عرض، بالإضافة إلى 17 مطعماً عالمياً والكثير من المساحات الخضراء. وتورد كارول ماديسون أن عدد زوار القسم الغربي من لندن يصل سنوياً إلى 200 مليون شخص ينفقون نحو 43.8 مليون درهم إماراتي، 37 بالمئة منهم أجانب و21 بالمئة من خارج لندن. وتذكر أن أكبر مراكز التسوق الأوروبية تقع في شرقي لندن ضمن مدينة “ويستفيلد ستراتفورد”، والتي تضم 250 متجراً، بالإضافة إلى 70 مطعماً وسينما رقمية هي الأكثر ابتكاراً في أوروبا. وتقع مدينة “ويستفيلد ستراتفورد” على أعتاب منتزه الألعاب الأولمبية.