أعلى

 

 

جزيرة كبيرة واقعة في الشمال الغربي من ماليزيا، وتحوي 99 جزيرة أصغر مليئة بالحكايات والأساطير التي كانت وما زالت محل تداول بين الماليزيين داخلها وحتى في أرجاء بلادهم، يؤمنون بها ويعتقدون اعتقادا كاملا بصحّتها إلى درجة توثيقها ضمن كتبهم التاريخية أيضا. «لنكاوي» أو جزيرة النسور القريبة من حدود تايلاند، والتي لا يزيد عدد سكّانها على 120 ألف نسمة، مرتبط اكتشافها بأسطورة بطلتها امرأة فاضلة فائقة الجمال عاشت في حقبة زمنية قبل ما يقارب 10 قرون، عدا عن الروايات والأساطير التي باتت شعارا لها مع مرور الأزمان. وتعود قصة السيدة «محصوري» إلى وقوعها في مشكلة على يد أحد الخونة الذي اتهمها بالزنا، ما جعل سلطان الدولة يصدر حكما بإعدامها غير أنها لم تمت بعد عدة محاولات لطعنها بالسكين، ولكنها أخبرت السلطان بأن موتها لا بد أن يكون على يد أي شخص من سلالة عائلتها. وقبل أن ينفذ فيها حكم الإعدام على يد أحد أفراد عائلتها، طلبت أن تصلّي قبل الموت، فدعت ربها أن يصيب تلك الجزيرة بالجفاف كإثبات لبراءتها، وحينما قتلت فوجئ الجميع بخروج دم أبيض منها كونها بريئة.


 
شفيع، مرشد سياحي في إحدى شركات السياحة والسفر الماليزية، قال لـ«الشرق الأوسط» «عاشت جزيرة لنكاوي بعد تلك الحادثة قرابة 7 قرون صحراء قاحلة، وباءت محاولات الكثيرين من الناس في إصلاحها وزراعتها بالفشل بعد أن كانت المزروعات لا تنمو على أرضها مطلقا، غير أنها بدأت في الانتعاش قبل ما يقارب 30 عاما لتتحول خلال السنوات الـ13 الأخيرة إلى منطقة جذب سياحية». ويشير إلى أن 15 في المائة من سكّان «لنكاوي» يعملون في الزراعة كونها تشتهر بحقول الأرز وأشجار المطاط، ومثلهم صيّادون، في حين تبلغ نسبة العاملين في القطاعات والأنشطة السياحية بالجزيرة ما يقارب 70 في المائة، مبينا وجود مدينة صغيرة تحمل اسم «كواة» وتقع في منتصفها لتكون بمثابة عاصمة لها، والتي تمتاز بمناظرها الجميلة. سبب تسمية «لنكاوي» بهذا الاسم ناتج عن وجود الكثير من النسور بها، والتي تقطن بين الأشجار المحيطة بالجزيرة ليكون مرتعها منطقة جذب سياحي لزائري الجزيرة خلال تجولهم في رحلة نهرية تعرف باسم «المنغروف» نسبة إلى الغابات المحيطة بالنهر، فضلا عن زيارة كهف الخفافيش الموجود على ضفاف النهر أيضا..


 
وبالعودة إلى المرشد السياحي في إحدى شركات السياحة والسفر الماليزية، أفاد بوجود ما يزيد على 50 جزيرة صغيرة داخل «لنكاوي» تصنّف بأنها خاصة للسياحة فقط وليست للمعيشة، وهو ما يجعل السكن فيها مقتصرا على العاملين كمرشدين سياحيين داخل تلك الجزر والذين يقومون باستقبال السائحين خلال جولاتهم. وبالإضافة إلى الجزر المخصصة للسياحة، فإن هناك الكثير من الجبال الموجودة في مواقع مختلفة من المحيط الهندي الذي تقع عليه جزيرة «لنكاوي» والتي لم تخضع إلى أي عمليات نحت آدمية، غير أن منها ما يشبه الأرنب والسلحفاة والفيل والحذاء الكبير إلى جانب «الغوريلا». ومن تلك الجبال ما يمسى بجزيرة «العذراء الحامل» وهي عبارة عن جبل على شكل امرأة حامل، حيث تحوي أيضا قصة أسطورية تبرر تسميتها وما تتميز به تلك الجزيرة عن بقية الجزر الصغيرة في «لنكاوي».


 
وهنا، يروي السيد شفيع حقيقة «العذراء الحامل» ضمن خرافة يؤمن بها كل الماليزيين قائلا «كانت هذه الجزيرة منذ القدم مهبطا لفتاة من عالم الجن الملائكي والتي كانت تحب الاستحمام بماء الأرض، وفي مرة من المرات وقعت بحب أحد الشبّان البشر، ما أثار غضب والديها اللذين حكما عليها بالنفي في هذه الجزيرة لتتزوج من عشيقها». ويتابع «نتيجة غضب والديها عليها لم تتمكن من الاحتفاظ بحملها لمرات متعددة، حيث كانت في كل حمل لها تتعرض إلى الإجهاض، فدعت ربها أن يكتب في مياه الجزيرة الشفاء لأي امرأة متزوجة ولم تنجب أولادا، الأمر الذي جعل من جزيرة العذراء الحامل مكان تقصده النساء الراغبات في الحمل ليغسلن أجسادهن بمياهها ويشربن منها أيضا».


 
«لنكاوي» هي الجزيرة الكبرى بين الجزر الـ99 الأخرى، تليها جزيرة «توبا» التي تبلغ مساحتها نصف الأولى تربط بينهما جزيرة «سلاّك»، إلى جانب جبلين يحمل أحدهما اسم «الراية» بينما يسمى الآخر بـ«ماتشين شاق». ونتيجة قرب «لنكاوي» من حدود تايلاند، فقد كانت مليئة بالتايلانديين المسلمين كونهم يمثلون الأقلية في بلادهم، الأمر الذي دفع بهم للهجرة إلى تلك الجزيرة طلبا للرزق باعتبارهم فقراء ويعانون من الاضطهاد في تايلاند. 


 
«مصنع الشوكولاته» أحد معالم جزيرة «لنكاوي» الذي يستقبل السائحين ضمن جولاتهم السياحية على الرغم من من حداثة إنشائه قبل نحو 4 سنوات، غير أن ما يميزه هو احتواؤه على نكهات مختلفة من الشوكولاته الطبيعية الخالية من أي مواد حافظة ما عدا الفواكه من ضمنها التوت وجوز الهند والفراولة والنعناع وحتى الفلفل الحار. والجميل في مصنع الشوكولاته الواقع بجزيرة «لنكاوي»، أن الزائر بإمكانه تذوق كل النكهات الموجودة والتي تزيد على 50 نكهة، إلا أنه لا يسمح له بالاطلاع على طريقة صنعها مطلقا. وبحسب شفيع، فإن منتجات ذلك المصنع التي لا توجد سوى داخل ماليزيا، لا تخضع إلى الرسوم الجمركية، ما يجعل منها سوقا حرّة مثلها مثل منتجات جزيرة «لنكاوي» الأخرى باعتبار أنها منطقة معفية من تلك الرسوم. شواطئ «لنكاوي» تحوي الكثير من الفنادق والمنتجعات على اختلاف فئاتها، إلى جانب شاليهات تضم مسابح خاصة يستمتع بها الزائرون على نحو خاص، ولا سيما ممن يقضون عطلات شهر العسل.


 
ومما لا شك فيه أن جزيرة «لنكاوي» تحتضن عددا من المعالم الأخرى التي تميزها، من ضمنها ميدان النسر باعتباره أهم معلم على أرضها للمقبلين إليها عن طريق البحر، والذي تم استقاء اسم الجزيرة منه بلونيه الأحمر والبنّي. حديقة الطيور، التي تبعد عن العاصمة «كواة» نحو 30 دقيقة شمال شرقي الجزيرة، تتميز بوجود ما يزيد على 2500 طائر وأكثر من 150 آخر من فصائل مهددة بالانقراض، إلى جانب متحف «بردانا» الذي تعرض من خلاله الهدايا الممنوحة لرؤساء ماليزيا السابقين، وأكثر من 2500 قطعة أثرية من مقتنيات وتحف للمشاهير ومنحوتات قديمة وحديثة تحكي تاريخ «لنكاوي». بينما تشتهر قرية «إير هنقات» في جزيرة «لنكاوي» بالينابيع الحارة الواقعة على 4 قطع أرضية، حيث يوجد فيها 3 صفوف من تلك الينابيع، إضافة إلى الصخور النهرية التي صنعت يدويا والممتدة على مسافة 18 مترا، فضلا عن الأماكن المغلقة والمخصصة للاستحمام بالمياه الساخنة.


 
ومن ضمن تاريخ جزيرة «لنكاوي» حديقة «شوم» الواقعة بالقرب من هيئة تنمية الجزيرة، والتي تم بناؤها بهدف إحياء ذكرى اجتماع رؤساء حكومة الكومنولث بعد استضافتهم من قبل ماليزيا في «لنكاوي» عام 1989، وتحوي هيكلا أبيض وأعلام جميع دول الكومنولث المشاركة في الاجتماع، عدا عن الأشجار المزروعة من قبل رؤساء كل وفد. أما حديقة «ليجندا بارك» الواقعة بالقرب من ميدان النسر، فهي تضم بحيرة وتماثيل لحيوانات مختلفة من ضمنها الجاموس والتماسيح والنصب التذكارية وعدد من الجلسات، خصوصا أن الحديقة مغطاة بالأشجار والنباتات والورود. تلفريك لنكاوي، الممتد على مسافة 2.2 كيلومتر، يمكّن السائح من الصعود إلى القمة، إلا أن هناك تلفريك آخر يوصله للقمة الثانية، فضلا عن وجود جسر معلق في أعلاها تم بناؤه حديثا، بالإضافة إلى حديقة التماسيح التي تحتضن أكثر من 1000 تمساح.


 
ولهواة رياضة الغطس، فإن هناك جزيرة «بايار» في لنكاوي، التي يمكن الوصول إليها عن طريق المراكب السريعة، كونها تنظم دورات غطس في الجزر القريبة منها، إلى جانب احتوائها على الكثير من الشعاب المرجانية. عالم ما تحت الماء، وهو الأكبر في ماليزيا، يحوي أكثر من 5 آلاف نوع من أسماك البحار والمياه العذبة، والمحفوظة فيما يزيد على 100 حوض، عدا عن إمكانية السير مسافة 15 مترا عبر نفق داخل حوض يحوي ما يقارب 19.8 ألف غالون من مياه البحر تسبح بداخله أصناف متعددة من الكائنات البحرية على اختلاف أحجامها.