ينظر العديد من السياح إلى لندن على أنها عاصمة عالمية، فهي مدينة يسكنها تقريبا كل أجناس البشر، ولها من التقاليد العريقة ما يجعلها الوجهة المفضلة للسياح سواء من أميركا أو الصين أو المنطقة العربية. ولكنها أيضا مدينة باهظة التكاليف واحتلت هذا العام لقب أغلى مدينة أوروبية على الإطلاق. ومع ذلك يمكن للسائح أن يقضي وقتا ممتعا في لندن ويشاهد معظم معالمها بأقل التكاليف عبر اتباع أساليب بسيطة جربها من جاء قبله من السياح. وفي عام 2012 حيث تنتشر وسائل التواصل الاجتماعي، ليس من الصعب الاستفسار عن المعلومات عبر شبكة الإنترنت. ولعل الشباب هو القطاع الذي يهمه السفر إلى وجهات سياحية عالمية، ويمكنه أن يحقق حلم زيارة لندن بميزانية محدودة مع بعض التخطيط الجيد واختيار التوقيت المناسب.
وفي الماضي كان القول المأثور هو «من يشعر بالملل من لندن فقد ملّ من الحياة، ففي لندن كل ما يمكن أن يشتهيه المرء من الحياة». وهي بذلك مدينة تستحق الزيارة أكثر من مرة. وتنقسم تكاليف زيارة لندن إلى ثلاثة مكونات رئيسية هي تكاليف الطيران وتكاليف السكن والمصروفات الجارية الأخرى على وجبات الطعام والهدايا والتسوق. وهناك العديد من الخيارات المتاحة التي يتعين على السائح أن يختار أنسبها وأفضلها لظروفه.. فيمكن مثلا شراء باقة من الخدمات المتكاملة من مكتب سياحة يشمل تكاليف السفر والإقامة وربما أيضا بعض الرحلات السياحية الداخلية. وقد يكون هذا الخيار أرخص وأسهل من محاولة تركيب مكونات الرحلة منفصلة.. فشركات السياحة تحصل على تخفيضات خاصة من شركات الطيران ومن الفنادق، بجميع فئاتها، وتعيد نسبة كبيرة من هذا الخفض إلى زبائنها حتى تنجح في المنافسة مع غيرها في السوق.
ولكن إذا كان السائح يفضل تنظيم رحلته السياحية بنفسه فيمكنه اختيار مكوناتها بعناية بداية من رحلة الطيران إلى لندن. وهنا يتعين عليه مقارنة العديد من الأسعار من الشركات المختلفة، وهي تتغير على نحو يومي وفقا للتوقيت والعرض والطلب. وبوجه عام يجب تجنب المناسبات مثل الأعياد أو الأحداث المهمة على الروزنامة الاجتماعية. وتميل التذاكر إلى الانخفاض في الأوقات الهادئة التي لا تقع فيها مناسبات مثل شهور أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) وأول ثلاثة أشهر من العام، كما تقدم شركات الطيران حسومات إضافية للطلبة ولمن يسافر ويعود خلال أيام منتصف الأسبوع، مع تجنب أيام الجمعة والسبت والأحد التي يزيد فيها الطلب. وفي لندن هناك العديد من خيارات الفنادق الرخيصة للطلبة ويمكن أيضا السكن مع عائلات بريطانية.
ويوفر اختيار الضواحي بدلا من وسط العاصمة، مثل ويمبلدون في جنوب لندن وإيزلنغتون في شمالها، من تكاليف الإقامة، وهما ترتبطان بوسط العاصمة عن طريق مترو الأنفاق. ويمكن سؤال جامعات لندن عن استئجار بيوت الطلبة أثناء العطلات الجامعية، ولدى كلية الاقتصاد غرف رخيصة تقع في وسط لندن. ويمكن اختيار «هوستيل» للشباب، وهي بيوت شباب تقدم إقامة رخيصة لصغار السن. وأثناء الإقامة لا بد من الاعتماد على المواصلات العامة. ويعد مترو الأنفاق أسهلها استخداما ولكن الباصات ذات الطابقين تقدم بديلا، يتيح للراكب استعراض معالم العاصمة خصوصا من الطابق الأعلى. ويمكن الاستفسار عن بطاقات السفر اليومية أو الأسبوعية التي تتيح للراكب فرصة استخدام جميع وسائل المواصلات لمدة زمنية محددة، وهي أرخص من دفع ثمن التذاكر عن كل رحلة. وهناك أيضا تخفيضات لصغار السن وللطلبة لا بد من الاستعلام عنها.
ولا توجد أي مشكلة في اختيار الغذاء المناسب في لندن، ففيها وجبات من كل أنحاء العالم ولكل الميزانيات. والأرخص بالطبع هي منافذ الوجبات السريعة العالمية، ولكن لندن بها أيضا بدائل صحية مثل محلات الساندويتشات التي يرتادها العاملون في مكاتب لندن، وهي تقدم جميع المأكولات والمشروبات الخفيفة التي يمكن أن يتناولها المشتري في المحلات أو يأخذها معه. بالإضافة إلى ذلك هناك منافذ المقاهي الحديثة مثل «ستاربكس» و«كوستا» وغيرهما والمطاعم الإيطالية التي تقدم أنواع «الباستا» و«البيتزا». ومما يعرفه أبناء لندن أن الوجبات في البارات الشعبية تكون جيدة في النوعية كما أنها رخيصة، وبعيدة عن مناطق السياح المعهودة. ويمكن طلب مشروبات غازية أو غير كحولية مع هذه الوجبات. أيضا لا بد من تناول الوجبة البريطانية الشعبية المفضلة المكونة من السمك والبطاطس المقلية، وهي وجبة جيدة وإن كانت عالية السعرات. وتنتشر أيضا المطاعم الهندية والآسيوية واللبنانية في أنحاء لندن كافة.
* معالم لندن
* التخطيط لزيارة معالم لندن يوفر الوقت والجهد وربما أيضا بعض الأموال. ويمكن ذلك عن طريق حصر المعالم المجانية وزيارتها أولا. وهناك العديد من المتاحف التي تفتح أبوابها مجانا للجمهور منها المتحف البريطاني الذي يضم جناحا مصريا شهيرا، ويقع في منطقة هولبورن، ومتحف لندن ومعرض «تيت مودرن» الفني، ومتحف «فيكتوريا آند ألبرت».
وبالطبع يمكن التجول بين معالم لندن وزيارة «بيغ بن» ومبنى البرلمان البريطاني على شاطئ نهر التايمز، والتجول في شوارع التسوق الشهيرة مثل «أكسفورد ستريت» و«بوند ستريت»، وزيارة الحي العربي الذي يمتد من شارع «أدغوير رود» وحتى حي «كوينز واي»، وهناك يمكن الجلوس على المقاهي التي تقدم الشاي والقهوة على الطريقة العربية بالإضافة إلى النرجيلة التي يجلس مدخونها خارج هذه المقاهي. وتنتشر المطاعم اللبنانية في هذه المنطقة، ويمكن التجول فيها بداية من محطة «ماريل أرش» على الخط الأحمر «سنترال» في شبكة المترو أو «الأندرغرواند» كما يعرف محليا. وبالقرب من هذه المحطة تقع حديقة «هايد بارك»، وهي مكان التنزه المفضل صيفا لدى العائلات العربية.
ولكن بعض المعالم السياحية لا بد من دفع رسوم للتمتع بها ومنها عجلة لندن «لندن آي»، وهي عجلة تقع على ضفة النهر من الناحية الجنوبية بالقرب من محطة «ووترولو» وتدور ببطء شديد بحيث تكمل دورتها في نصف ساعة يشاهد الراكب خلالها معظم معالم وسط العاصمة خصوصا لو كان الجو صحوا ومشمسا. وكانت «لندن آي» هي أعلى نقطة في لندن حتى هذا العام عندما افتتح برج «شارد» في شرق لندن، وهو يوفر مشاهدات من أعلاه لكل معالم العاصمة وإن كان البعض يعتبره باهظ التكاليف لأنه يتكلف 25 جنيها للشخص الواحد، مع تخفيض للعائلات. ويعتبر «شارد» أعلى مبنى في غرب أوروبا وليس فقط في لندن ويطل الزائر على لندن من ارتفاع 244 مترا (900 قدم) وهو يوفر مشاهد دائرية لكل أنحاء لندن.
وهناك العديد من دور المسرح والسينما ويمكن مشاهدة عروض الباليه والمسرحيات الموسيقية مثل «فانتوم الأوبرا»، بالإضافة إلى العديد من المسرحيات التي يعرض بعضها لعدة سنوات من النجاح المتواصل.
ويمكن التسوق من الأسواق الشعبية بتكاليف أقل من محلات «أكسفورد ستريت» ومن أهم هذه الأسواق سوق «كامدن» القريبة من محطة مترو تحمل الاسم نفسه. وهي سوق مفتوحة وبها نحو ألف منفذ تجاري وتفتح أبوابهت طوال أيام العام ما عدا يوم 25 ديسمبر (كانون الأول). وهناك أسواق أخرى مماثلة منها سوق «بورتبيللو رود» في منطقة «نوتنغ هيل غيت» و«ليذر لين» في منطقة هولبورن بالقرب من محطة «تشانسري لين».
وتنتشر عدة مساجد في شرق لندن حيث توجد جالية مسلمة كبيرة من شرق آسيا، كما يوجد مسجد لندن الرئيسي في منطقة «ريجنت بارك» شمال لندن، وهي منطقة أرستقراطية تطل على حديقة «ريجنت بارك» مترامية الأطراف.
وتنصح هيئة السياحة البريطانية بمراجعة المعلومات على موقعها على الإنترنت، بالإضافة إلى مراعاة مواعيد فتح وإغلاق المعالم المختلفة، ومواعيد المواصلات العامة التي تتوقف بالقرب من منتصف الليل. وهناك العديد من مكاتب معلومات السياح في المناطق السياحية التي يمكن الاستعانة بها للإجابة عن أي تساؤلات.
نصيحة أخيرة خاصة بأسعار الصرف، فأفضلها تقدمها مكاتب البريد وبعض منافذ المحلات التجارية مثل «ماركس آند سبنسر»، وهي بلا عمولة وتقدم أسعارا أعلى من تلك التي تقدمها الفنادق أو منافذ الشركات في المطارات. ويوازي الجنيه الإسترليني نحو 1.58 دولار، ولكن الأسعار السياحية قد تختلف عن هذا المعدل، وهي تتغير على نحو يومي.