تقع قادس، أو «كاديز»، بعيدا عن أي مكان آخر في إسبانيا، حيث تشتمل أراضيها على النقطة الجنوبية من القارة الأوروبية؛ «طاريفا» وهي من المناطق التي يجب على محبي ركوب الأمواج زيارتها وتعد نافذة لرؤية الساحل المغربي الذي يقع على بعد عدة كيلومترات. وربما ذلك الموقع الجغرافي المتميز هو ما يجعل كاديز Cadiz جنة: طقس رائع طوال السنة، وطعام شهي، وأناس مرحون، ومعالم تاريخية.. وفوق كل ذلك شواطئ مذهلة. ويلحظ الزائرون الذين يصلون إلى تلك النقطة من إسبانيا في الوقت الراهن أن الزمن قد توقف عند تلك القرى. ففي كاديز، يعمل الناس لكسب العيش ولا يعيشون لكي يعملوا؛ فهم يدركون أن البحر والشمس هبة من الجنة ويستمتعون بهما في كل ثانية من حياتهم. ولذلك، فهم يعملون دائما على موازنة وقتهم بين الاستمتاع والوفاء بمسؤولياتهم. وتعد تلك المنطقة أهم مدن مغني الفلامنكو مثل كامارون ديلا إيسلا بالإضافة إلى أشهر مصارعي الثيران. وبالتالي، فإنه من السهل على الزائرين أن يعثروا على بعض الأماكن الخاصة التي يمكنهم الاستماع فيها إلى أفضل موسيقى الفلامنكو والذهاب أيضا إلى حلبة مصارعة الثيران. ومن أفضل الأماكن التي يمكن زيارتها «لا فنتا دي فارغاس» في سان فيرناندو التي بدأ بها كامارون ديلا إيسلا تاريخه المهني عندما كان طفلا.
كما تعد «لا فنتا دي فارغاس» من الأماكن الرائعة أيضا لتناول الطعام التقليدي مثل كعكات الجمبري الصغيرة، وذيل الثور. وعلى الرغم من أن سان فيرناندو هي المدينة الثالثة بكاديز، فإن موقعها، في مقدمة العاصمة، جعلها مكانا رائعا للاستمتاع بمتنزه طبيعي يجمع بين المستنقعات والبحر. وهي مكان رئيسي للاستماع إلى الفلامنكو في ذلك الجانب من الأندلس. يذكر أن مدينة كاديز الرئيسية هي جزيرة صغيرة تتصل بإسبانيا عبر مضيق ضيق، تحتل القرية من المدينة نحو 4.4 كيلومتر، والباقي متنزه طبيعي مليء بالمستنقعات. وهي مكان يمتزج فيه التاريخ بالواقع عبر العديد من الأساطير، وهي نقطة مهمة في التاريخ الإسباني. ومن هنا، أبحر، كريستوفر كولومبوس، مكتشف أميركا في عام 1492 في واحدة من أكثر الرحلات أهمية بالنسبة للإسبان والأوروبيين في ذلك الوقت. وقد سمح ذلك الوضع لكاديز بأن تصبح واحدة من أكثر المدن التجارية أهمية في العالم في ذلك الوقت؛ حيث كانت كل سفينة تذهب وتأتي من أميركا ترسو هنا وتبدأ في إنشاء شركات جديدة للمنتجات الجديدة التي تأتي بها من أميركا مثل التبغ أو الذهب.
وفي تلك اللحظة، ولد أحد أكثر أحياء كاديز شعبية: لافينا، الذي تعبر شوارعه الصغيرة والمعقدة المدينة من أحد جوانب البحر إلى الآخر، وتعج بالمطاعم والمنازل ويعيش به أهل كاديز أكثر الاحتفالات أهمية هنا وهي الكرنفال. ومن الضروري أيضا أن تزور الكاتدرائية، والمجلس، والمتنزه، وأن تتوه بين الشوارع الصغيرة من دون مسار محدد. وإذا كانت الشمس ساطعة.. فإن أفضل طريقة لكي تتفادى الجو الحار هي الذهاب إلى شاطئ كاليتا؛ المكان الأكثر شعبية لمواطني كاديز، والمحاط بقلعتي «سان سباستيان» و«سانتا كاتالينا». وتعد قادس أكثر أهمية من العاصمة؛ حيث يستطيع الزائر أن يستمتع بما يطلق عليه «القرى البيضاء»، وهي قرى صغيرة في الجبل قريبة للغاية من البحر. ولذلك، فإن إطلالتها رائعة ومن الممكن أن يجمع الزائر بين تلك الإطلالة المميزة والاستحمام في مياه البحر. وتعد قرية «فيخير دي لا فرونتيرا» من أجمل القرى البيضاء هناك؛ حيث تحافظ على الطراز العربي ونمط المدن الإسبانية القديمة من خلال منازلها التي تلألأ باللون الأبيض والشوارع الضيقة المنحدرة والقباب، وتنسجم تلك العناصر القديمة جميعا داخل جمال طبيعي خلاب. وإذا ما كان الجو صحوا، يمكنك رؤية الساحل المغربي من المصاطب التي تقع في الميادين أو يمكنك الذهاب إلى شاطئ «البلمار» الذي يمتد لثمانية كيلومترات من الرمال الذهبية والأمواج الهادئة، في بيئة طبيعية جميلة.
كما يجب عليك زيارة «شريش» الملقبة بـ«الفرونتيرا». فبالإضافة إلى المصانع التاريخية التي يمكنك زيارتها، تحتوي «شريش» أيضا على حلبة للدراجات الهوائية يقام بها سباق دولي سنوي، بالإضافة إلى «المدرسة الملكية لفنون الفروسية»، التي تشتهر بتدريبها الخيول العربية والإسبانية بالطريقة التقليدية. ويمكنك أن تشتري تذاكر لحضور عروض الفروسية تلك، إذا ما كانت هناك عروض في ذلك اليوم.. كما أنه عليك التجول سيرا في تلك المدينة القديمة الجميلة. ومن المدن الأخرى الأكثر شهرة في كاديز مدينة «إل بويرتو دي سانتا ماريا»؛ حيث تعد زيارة القلعة والكاتدرائية وحلبة مصارعة الثيران، التي يتخذ منها أشهر مصارعي الثيران الإسبان الساحة الأولى لاحترافهم بصفتهم مصراعي ثيران، من الزيارات المثيرة للاهتمام بها. كما أن المدينة هي أفضل مكان تتناول فيه المحار. وهناك العديد من المطاعم على الساحل التي يمكنك أن تجد بها المحار الذي يرغب كل زائر في تناوله كما يمكنك اختيار أن تتناوله مسلوقا أو مشوية. ويتضمن المشهد السحري لكاديز أكبر متنزه طبيعي في البلاد: «متنزه دونانا». وهو المكان الذي يحق للمواطنين الإسبان أن يستخدموه منتجعا صيفيا يمكنهم البقاء به خلال العطلات رغم أن جميع الإسبان لا يلجأون إليه.
ويستحق المتنزه الزيارة إذا ما كان لدى السائح الوقت لذلك لأنه يستطيع القيام برحلات بالشاحنة لمشاهدة مئات الأنواع من الطيور التي تعشش داخله. وتعد أفضل أوقات زيارة المتنزه في الفجر أو عند الغروب. ومن «شلوقة» أو «المساجد» يستطيع الزائر أن يركب قاربا يعبر به نهر «الوادي الكبير» لمدة ثلاث ساعات حتى يصل إلى مدخل المتنزه. وعندما يصل إلى المدخل، سوف يلحظ الزائر أن المستنقعات والحيوانات هم مالكو تلك الجزيرة التي ما زالت بكرا رغم أن قادس هي إحدى أكثر المناطق السياحية شهرة في البلاد. ولكن دونانا ليست هي المنطقة الوحيدة بالمقاطعة التي يمكنك العثور بها على مناطق نادرا ما تحظى بالزيارة.. ففي الطريق من كاديز إلى طاريفا، النقطة الجنوبية من شبه الجزيرة الأيبيرية، يمكنك زيارة شواطئ لا توجد بها أية فنادق ولا الكثير من الزائرين. ومن الضروري أن تجمع في زيارتك بين تلك الزوايا والخلجان وغيرها من المناطق التي تشتهر باتساعها ورمالها الناعمة وبحرها مثل «كونيل» أو «طاريفا». وإذا لم ترد أن تتوه في بعض تلك السواحل السرية، فإن أفضل طريقة هي أن تسأل مواطني تلك المدن، فهم بالتأكيد يستطيعون أن يمنحوك نصيحة جيدة حول أين يمكنك الاستحمام في البحر أو تناول أسماك شهية للغاية. وفي كل الأحوال، من الأفضل أن تستأجر سيارة تسمح لك بالتجول في جميع أنحاء المقاطعة من دون أن تغفل زاوية صغيرة. نصيحة أخيرة تتعلق بالطعام: أن تتناول طبق «البونتيليتا» المصنوع من الحبار وشقائق النعمان في مطعم «لوس هيرمانوس» الذي يقع في وسط كونيل. وأن تتناول سمك التونة في أي مكان بالساحل وكعكات الجمبري بسان فيرناندو.