لا تقتصر متعة قاصدي منطقة كليمنجارو في تنزانيا على تسلق الجبل الأعلى ارتفاعاً في إفريقيا فحسب؛ إذ يمكن للزائرين البقاء خارج حدود حديقة كليمنجارو الوطنية، والقيام برحلات مجانية انطلاقاً من مدينة مارانغو عند سفوح الجبل لزيارة الشلالات المائية والحصون الموجودة تحت الأرض. ويعد جبل كليمنجارو أسطورة، إذ يسافر إلى تنزانيا كل عام عشرات الآلاف من متسلقي الجبال رغبة في تسلقه، وتكلف رحلة الوصول إلى قمته التي ترتفع 5895 متراً عن سطح الأرض، وصارت تُعرف منذ استقلال تنزانيا باسم أوهورو بيك، 1000 يورو تشمل رسم دخول الحديقة الوطنية والإرشاد والحمالين، وينبغي على المشاركين في هذه الرحلة الفريدة من نوعها أن يضعوا في حسبانهم إمكانية إصابتهم بدوار المرتفعات. وبوسع الزائر الذي لا يرغب في التقاط صورة له على القمة أن يحصل على نزهة تجول فوق الجبل دون آلام، ودون مقابل تقريباً. ويستقل الزائر من مدينة أوشي شمال شرق تنزانيا حافلة صغيرة إلى مدينة مارانغو الجبلية، وعلى الرغم من أنها تقع على مسافة لا تزيد على 40 كيلومتراً فقط، إلا أن الحافلة الصغيرة التي تُعرف هناك باسم «دالا دالا» تقطع هذه المسافة في ساعتين.
طريق كوكاكولا
في مارانغو تبدأ أحب جولة للزائرين إلى جبل كيلي والتي يصل ارتفاعها إلى 1400 متر، وتُعرف هذه الرحلة أيضاً باسم «طـريق كوكاكولا»، وقبل أن تصل الحافلة إلى مارانغو بوقت قصير قام رجل بتقديم نفسه للزائرين بوصفه مرشداً، وذكر الرجل الذي يبلغ عمره 38 عاماً أن اسمه لودفيغ تيليا، ويقوم بالإرشاد السياحي عبر مناطق أشجار الموز التي تنمو في ظلالها أشجار القهوة. ويتميز لودفيغ بخبرته في الغابة الجبلية، وها هو يشير إلى الزقزقات المختلفة لطيور البلابل، كما يشير إلى شجرة سنط، وهو نوع من الأشجار لا ينمو إلا في جبل كليمنجارو. وفي أعقاب ذلك يقطف لودفيغ بضع أوراق من نبات اليوكا، ويوضح كيفية استخدام هذه الأوراق في التنبؤ، ويقول إن الرجال الكبار في السن يمكنهم أن يجدوا حلاً لمشكلة داخل الأسرة من خلال موضع قطع ورقتين، ويضيف «لكن الشباب لم يعودوا يعرفون شيئاً عن هذا، وستواجهنا مشكلات عندما يموت المسنون». وينتهي هذا الطريق بوادٍ شديد الانحدار، ومن هنا تزداد حدة الانحدار وصولاً إلى شلال مياه ندورو، الذي ينساب بين الغابة المطيرة، وينتهي إلى حوض مياه طبيعي، ويبلغ ارتفاع المرحلة الأولى من هذا الشلال 95 متراً، أما المراحل الأخرى فتزيد على هذا الارتفاع بـ 28 متراً أخرى. وتتراقص أمام الأعين في منطقة شلال ندورو اوركسترا كاملة من زهور البوق التي تميل فوق نهر مونيو، وهو عبارة عن لوحة خلابة لنباتات متسلقة ونباتات البريونيات المعلقة على الجدار الصخري. ويقول لودفيغ إنه أحياناً يستحم ويتنزه هنا أكثر من 30 سائحاً، لكن المكان خلا في هذا اليوم من الزوار.
التشاجا
في طريق العودة يقود لودفيغ المجموعة إلى قلعة موجودة تحت الأرض لقبائل التشاجا الأبية التي تعيش منذ قرون عدة في سفوح جبل كليمنجارو، وكانت هذه القبائل تتعرض لسرقة مواشيها بسبب قبائل الماساي التي كانت تأتي إلى المرتفعات في الصيف مع جفاف السهول، لذا قام أفراد التشاجا بإنشاء حفر طويلة تؤدي عبر ممرات ضيقة إلى باطن الأرض. من جانبها، تقول جاكلين شوما التي تعيش في المنطقة: «هذا كهف كمين، فعندما لا يعرف المقتحمون كلمة السر، فإن رجال التشاجا يقومون بقتلهم برماحهم». ويواصل الزوار رحلتهم سيراً على الأقدام والأيدي (حبواً)، حيث تنتهي رحلتهم إلى داخل المطبخ وحجرة النوم الخاصة بالأطفال والنساء، والتي تسع لما يراوح بين 15 و20 فرداً، كما تقول جاكلين. وتبلغ مساحة الحفرة نحو أربعة أمتار في ثلاثة أمتار. ويشعر المرء بالراحة عندما يرى ضوء النهار مرة أخرى. ويأخذ المنظر بألباب السياح خلال طريق العودة عندما تتبدى قمة كيبو، أعلى قمم كليمنجارو، أمام أعينهم، وتتلألأ في ثنايا الضـوء الذهبي لشـمس الأصـيل.