أعلى

 

عشاق العراقة لا يمكنهم تجاهلها وإن تعودوا على الإقامة في الفنادق الفخمة، ربما لأنها تمثل بالنسبة لهم عودة مؤقتة إلى الماضي وإطلالة سريعة عليه، خاصة إذا اقترنت هذه العراقة بالذوق والأناقة والتاريخ المجيد، وذلك من خلال مقعد قديم أو ثريا كلاسيكية تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي، أو من خلال أزياء أو روايات قديمة تزين المكان، وهذا ما يوفره فندق كاراكوي رومز لزواره. يستمد فندق “كاراكوي رومز” Karakoy Rooms في إسطنبول سحره من سحر الماضي المتمثل في تاريخه الذي يعود لأكثر من مائة سنة، ومن سحر إطلالته المميزة على مضيق البسفور شمال القرن الذهبي، فقد كانت هذه المنطقة التي تقع في الجزء الأوروبي من تركيا مركزاً تجارياً يكتظ بالتجار الأتراك منذ 500 عام بسبب الميناء القريب المطل على مضيق البسفور. والآن تدخلت التكنولوجيا في تغيير هوية المكان حتى صار مركزاً ثقافياً وسياحياً تزخرفه بقايا تاريخية، حيث يقع الفندق بالقرب من جسر جالاتا Galata Bridge الذي يأخذك إلى الجزء السياحي القديم من المدينة. كما أنه قريب من متحف اسطنبول للفن الحديث ومتحف صوفيا وميدان السلطان أحمد وجامع سليمان ومن منطقة بيوغلو الشهيرة Beyoglu district، ولا يبعد سوى عشر دقائق على الأقدام عن شارع استقلال Istiklal Street بما فيه من مطاعم ومقاهي. ينقلك فندق كاراكوي إلى أجواء خيالية بمجرد دخولك، فمازالت أصالة الماضي المجيد لتركيا تحيط بالمكان حتى بعد أن جددته الشركة التركية Run Architects. يغلب على ديكوراته الداخلية مزيج من الزخرفة الشرقية مع الأثاث الغربي المطعم بالمعادن اللامعة والتي يعود ذوقها لفترة الستينات،ويلاحظ السياح أنابيب نحاسية ذهبية اللون تغطي أجزاء من جدران الغرف، وهي الطريقة القديمة التي كانت تستخدم لتدفئة المبنى في الشهور الباردة، حيث يمر بها الماء الساخن، ولنفس الغرض صنعت أرضية الجدران من الباركيه.

 

تنقسم غرف الفندق إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى هي غرف Standard ومساحتها 30 متراً مربعاً ويتراوح سعرها بين 100 إلى 130 يورو. الفئة الثانية Deluxe وتتميز عن سابقتها بعدة مميزات أبرزها الشرفة الملحقة بها والتي تطل على البحر مباشرة ويراقب السياح منها حركة السفن القادمة من أوروبا ودول البلقان، كما أنها مزودة بنظام تدفئة ومساحتها 40 متراً مربعاً، ويتراوح سعرها من 130 إلى 160 يورو. أما الفئة الثالثة Studio وهي بنفس سعر الفئة الثانية إلا أن ميزتها هي المساحة الكبيرة التي تبلغ 60 متراً مربعاً، وملحق بها مطبخ وغرفة معيشة. الشيء المشترك بين الفئات الثلاث هو لون الجدران الأبيض والأرضية الباركيه والأثاث الأوروبي الكلاسيكي القديم ودورات المياه الرخامية التي تأخذ اللونين الأبيض والأسود. كاراكوي التي يقع فيها الفندق واحدة من أقدم أحياء اسطنبول، اسمها مكون من مقطعين هما “كارا” و “كوي” ومعناها “قرية السود” وهي تشير بذلك إلى اليهود الذين كانوا أغلبية في تلك المنطقة من منذ مئات السنوات وكانوا يتميزون عن سكان تركيا بلونهم المائل للسواد. حيث كانت هذه المنطقة مركزاً للتجارة منذ عام 1600م لوقوعها على البحر، فكانت حلقة الوصل بين الدولة العثمانية وبين دول أوروبا من جهة والدول الإسلامية من جهة أخرى، ثم أصبحت بعد ذلك مكاناً لتجمع البنوك وشركات التأمين النمساوية والإيطالية في القرن التاسع عشر. وبعد تغير وسائل النقل والتجارة في القرن العشرين تحولت من مركز تجاري هام إلى مركز ثقافي وسياحي لما تحويه من متاحف وأماكن سياحية عديدة كالمتحف اليهودي ومتحف البنك العثماني، ويعود ذلك أيضاً لموقعها على فم القرن الذهبي وعلى مضيق البسفور من الجانب الأوروبي. كما أنها تعتبر من أهم الموانيء البحرية التركية التي تنقل الركاب لمدن عديدة في العالم، فهنا ترسو السفن العملاقة والعبارات لتنقل المسافرين إلى أوكرانيا وإيطاليا وكرواتيا واليونان.