أعلى

 

تأخذ السياحة في عالمنا   دورها المهم   بين القطاعات  الاجتماعية والاقتصادية، بحيث اصبح العالم يتحدث عنها اكثر من أي صناعة اخرى، لأنها باتت تشكل وبالرغم من تهاوي اقتصادات عديدة زيادة في المؤشرات العالمية،. تشير ارقام منظمة السياحة العالمية الى انه وفي خلال العام المنصرم  2014 زادت الصادرات السياحية  لتصل الى 1.5 تريليون دولار، وان عدد السياح ازداد ليصبح 1.1 مليار سائح، وان الخدمات السياحية اصبحت تشكل ما نسبته 30% من مجموع الخدمات الاخرى، وان هذا القطاع يخلق فرصة عمل مباشرة من بين كل احدى عشر فرصة. وعند الحديث عن تطور السياحة والدور المناط بها، فانه يجب ان لا نغفل الازدياد المتنامي لأهمية الطعام الذي تقدمه المقاصد السياحية المختلفة كونه من اهم العوامل التي يعتمد عليها السائح على اختلاف نوعه وخلفيته في اختياره لوجهته السياحية، حيث بات يشكل بمكوناته المختلفة واسلوب انتاجه وشكله وامتداده التاريخي واصالته والفائدة المرجوة منه تجربة فريدة من نوعها يسعى السائح جاهدا للحصول عليها والتفاعل معها والتحدث عنها، وتشكل له ايضا دافعا لا عادة زيارته مرات عديدة. ومما لاشك فيه ان الكثير من الدول السياحية اصبحت تضع كل السبل اللازمة لتعزيز هذا النوع من السياحة والاهتمام به على نطاق واسع، لأنه يسهم وبشكل كبير في خلق ميزة تنافسية كبيرة تؤهل تلك الدول في ان تكون من اهم المصنفين على لائحة سياحة الطعام العالمية ، وما ادراج الطعام الخاص بكل من اسبانيا وايطاليا واليونان والمغرب في عام 2010 ضمن قائمة اليونسكو للإرث الثقافي غير المادي الإ مثال على ذلك. وهكذا فان سياحة الطعام تعتبر من اهم انواع السياحة التي تبرز المنتوج الحضاري لمكان ما ،وتهيئ فرصا اكبر من غيرها لزيادة التفاعل الانساني والثقافي بين الضيف والمضيف يعلوها زيادة في انفاق السياح، حيث تشير الارقام الى ان السياح ينفقون اكثر من ثلث دخولهم على الطعام الموجود في الفنادق والمطاعم والاسواق التجارية والمطارات واماكن الترفيه والتسلية والرحلات السياحية ووسائل النقل المختلفة وغيرها.

 

ولعل المنتدى العالمي الاول الذي اقامته منظمة السياحة العالمية في اسبانيا اواخر شهر نيسان الماضي جاء تتويجا للتطور والنمو الحاصل في سياحة الطعام  و تم في هذا المنتدى مناقشة الاتجاهات الحديثة التي تكتنفها، ومن ابرزها اهمية فنون الطهي في تأسيس العلامات التجارية المختلفة، وعلاقة ذلك في تعظيم المنافع الاقتصادية كالإيرادات وفرص العمل. واذا ما نظرنا للأردن الذي يتمتع بتنوع منتجه السياحي، فأننا نجده يخطو خطى لا بأس بها اتجاه الاستثمار في صناعة الطعام والدليل على ذلك كم ونوع اماكن انتاج الطعام كالفنادق والمطاعم والمرافق السياحية الأخريات انشئت وتلك التي ما تزال تحت الانشاء، وكذا الاهتمام البالغ من قبل السياح اجانب كانوا ام محليين  بنوع الطعام المقدم لهم ومدى ارتباطه بالتجربة السياحية التي يتطلعون اليها. ولهذا فان جذب اكبر عدد من السياح، يحتم علينا الاهتمام بترويج سياحة الطعام في الاردن، وابرازها كمنتج لا يقل اهمية عن أي نوع من انواع السياحة الاخرى. ولابد من ان يسبق هذا، البدء في انتاج علامة تجارية تمنحها ميزة تنافسية تميزها أي سياحة الطعام في الاردن عن منافساتها في دول الشرق الاوسط، وذلك من خلال على سبيل المثال لا الحصر، اقامة مهرجانات ومؤتمرات متخصصة تساعد على ابرازها في جميع مناطق المملكة وبفترات زمنية مختلفة. ويجدر بنا في هذا السياق ايضا ان ننتبه الى ضرورة العمل على تطوير سياحة الطعام التي تحكي قصة المكان وحضارة الانسان الاردني خصوصا في المواقع السياحية المهمة والبعيدة عن العاصمة عمان، وربطها بالأنماط والمسارات السياحية المختلفة في كل منطقة وبأسلوب علمي حديث، لأنها تعتبر عاملا حاسما في تعزيز المكانة الذهنية لدى  السياح حول المنتج السياحي الاردني وتعزيز انتمائهم له. وعلاوة على ما تقدم ، فانه ومن اجل ان تأخذ سياحة الطعام في الاردن تلك الميزة التنافسية التي تستحق، فانه اصبح لزاما علينا اكثر من أي وقت مضى توجيه ابنائنا الطلبة لدراسة تخصصات انتاج الطعام والخدمات المرافقة لها كتخصص فنون الطهي.   ان انتاج الطعام والابداع والتميز به ؛يتطلب دراسة الاسس العلمية والمعرفية الحديثة المبنية على اعلى المستويات والمعايير الدولية. ولإتمام هذه الرؤية، انشئت   « الاكاديمية الملكية لفنون الطهي» لتكون  في مقدمة مشاريع ابراز صناعة الطعام ،و كجزء لا يتجزأ من دفع المنتج السياحي الاردني الى الامام.