أعلى

 

في إبريل الماضي، اجتمع مئات الخبراء في صناعة الفنادق في قاعة مهيبة في "أتلانتا" الأميركية، ضمن فعاليات المؤتمر 27 لـ"هوتيل هانتر"، الفعالية السنوية المرموقة في عالم الضيافة، لكي يناقشوا أمراً محدداً: يجب تغيير المفهوم الرائج عما نسميه "الفندق البوتيك". وبالفعل، توصلوا في نهاية هذا المؤتمر المهم إلى خلاصة مفادها: إن الفندق المميز، لا يجب أن يكون في وسط البلد السياحي، وعلى رواده أن يشعروا حين يدخلون إلى غرفه، أنهم لم يسبقوا أن شاهدوا غرفةً مثيلةً في أي فندق آخر.

 

واحة من الإبداع:


 ثمة أمر آخر، اتفق عليه المؤتمرون في "أتلانتا" وهو أنه من الخطأ الربط بين مفهوم "الفندق البوتيك" وبين "الهيبية"، أي تلك المظاهر المتفلتة من أية قوانين جمالية أو نظامية، والتي لا تعنى إلا بالفن الشعبي وموسيقى الروك آند رول. كما أن بعض الخبراء ذكروا أن مفهوم "الفندق المتحف" Museum Hotels، أي الفندق الذي يعيش فيه الزوار تجربة فريدة من الفن المعاصر، هو أحد أهم مفاهيم الصناعة الفندقية الحديثة حالياً. هذه الأفكار تتوارد إلى بالك لمجرد أن تطأ قدماك عتبة أحد الفنادق في مدينة اسطنبول التركية، الذي يمكن أن يطلق عليه بحق لقب "فندق المتحف الفاخر". إنه فندق "سانت ريجيس- اسطنيول"، آخر الوافدين إلى سوق الفخامة الراقية في الضيافة هناك. فالإبداع يحيط بك من كل حدب وصوب. ثمة لوحات معلقة في الردهة الرئيسية والمطاعم وممرات الغرف مزيلة بتوقيعات أهم أساطين لفن المعاصر في العالم. وتتبع المجموعة الفنية المعروضة في الفندق "مجموعة ديمسا" Demsa Collection of Art، وهي المجموعة الخاصة بمالك الفندق الملياردير التركي نيشنتاشي كوناكلاما صاحب مجموعة الشركات القابضة "ديمسا". ولا يقتصر الأمر على اللوحات الجدارية فقط، فهناك المنحوتات، المعدنية والخشبية والرخامية، ناهيك عن التصميم الداخلي العام للفندق، والذي يتواءم بشكل جيد مع متطلبات هذه العلامة الفندقية التي تنتشر في أكثر من 30 موقعاً حول العالم.

 

أناقة فاخرة:


 وكصيحة من صيحات التصميم الفريد، يضم الفندق جناحاً خاصاً باسم "بنتلي" (علامة السيارات الفاخرة)، وهو الثاني من نوعه في العالم، بعد الجناح المتواجد في "سانت ريجيس- نيويورك". ويضم الجناح ديكورات مستوحاة بشكل خاص من الطراز "بينتلي كونتيننتال جي تي" وفيه مشغولات يدوية أصيلة. تقول سراب أكوس، مديرة الطعام والشراب في الفندق، والتي تتمتع بخبرة مديدة في مجال الضيافة الفاخرة من بينها علامة "فور سيزونس": "تجربة الانضمام إلى هذا الفندق مثيرة جداً بالنسبة لي على المستويين الشخصي والمهني. إنه اليوم أحد الأمكنة النابضة في منطقة نيشينتاش الراقية في اسطنبول، وهي تجمع رجال الأعمال والمبدعين، إضافةً إلى الراغبين بتجربة تسوق للعلامات الفاخرة في الأزياء والديكورات والمجوهرات وغيرها". ولا يبدو ذلك بعيداً عن الواقع، فجولة سريعة في الفندق نفسه، تبين أنه يضم في طابقه السفلي، أو واجهاته المطلة على الطريق الرئيسي المواجه لحديقة "ماشكا" الشهيرة، أشهر العلامات التجارية الأوروبية والأميركية في دنيا الأزياء.

 

سباغو الشهير:


"الماستر بيس" (الأجواء الأيقونية) في هذا الفندق، لا تقتصر على المقتنيات الفنية أو الأثاث والديكورات، بل تمتد إلى نوعية الأطباق ذاتها التي تقدم في المطاعم. في الطابق العلوي، ومع إطلالة ساحرة على اسطنبول تشمل مياه البوسفور والجسور المعلقة والحدائق الغناء، بوسعك أن تحوض تجربة الأكل الإيطالي المميز لتختار من قائمة أحد أشهر الطهاة العالميين في هذا المجال: Wolfgang Puck ومطعمه الشهير سباغو Spago. وفي أجواء لا تخلو من تواجد أشهر الشخصيات في اسطنبول، بوسعك أن تجرب أطباق بوك الشهيرة التي استلهمها من أسفاره حول العالم مثل السلطعون "الأزرق" مع خلطة الطماطم الحارة، أو مع خلطات الثوم ورذاذ الفاصوليا السوداء، أو البط المطبخ مع عصارة الليمون، أو الهريسة، أو الفلافل المقدم على طريقة "أصابع المعكرون"، وطبعاً الكثير من خلطات العصير الطبيعية.

 

أصالة تركية:


 أما الطاهي التركي الشاب غوركان غولماز Gurcan Gulmez الذي سبق أن عمل مع أشهر الطهاة الأتراك، فهو يشغل وظيفة الطاهي التنفيذي، ويهتم بشكل خاص بالطعام المقدم في مطعم "سانت ريجيس براسيري" وهي علامة مسجلة لـ"سانت ريجيس" ومتوفرة في أكثر من فرع لهذه العلامة في العالم. ويختص غولماز بشكل رئيسي بتحقيق المعادلة الصعبة بتقديم الأطباق التركية التقليدية بطريقة حديثة مستلهمة من المطبخ الأوروبي، وتحديداً الفرنسي. ولا يتورع عن استخدام كتب وصفات تاريخية بعضها يعود إلى العهد العثماني، يقول: "أحرص على أن أذهب إلى أسواق اللحوم والأسماك والخضار والبهارات العريقة في اسطنبول لكي أختار بنفسي مكونات محلية، كذلك نعتمد على موردين عالميين بالنسبة إلى مكونات أخرى"، يقول غولماز.

 

استرخاء مطلق:


 هذا ليس كل شيء، فلا يمكن استحضار علامة "سانت ريجيس" في الأساس، من دون استحضار تجربة "السبا" (منتجع الاسترخاء واللياقة). حال زيارتك لمنتجع Iridium Spa المهيب الممتد على مساحة طابق بكامله، ستشعر بالاسترخاء، إذ أن الجدران المطلية بالرمادي، مع تأثيرات الشموع، والموسيقى المرخية، كفيلة بأن تصحبك إلى رحلة روحانية تأملية، لا يزيد من كثافتها سوى تلك الردهة الخاصة بعرض أجود أنواع الشاي في العالم. وعلى امتداد حائط كامل، تصطف علب الشاي النادر، فيما يبتسم موظف يقف إلى جانبها لكي يسدي النصح، فتظن أنك في محال عطارة قديم، ولك مع النسخة الأكثر فخامة. الخصوصية في هذا المكان الذي يضم 7 غرف للعلاجات إضافةً إلى "حمامين" على الطريقة التركية، محفوظة أيضاً، إذ بوسعك أن تستخدم أحواض سباحة لك ولأسرتك من دون أن يشاركك بها أي من الزبائن الآخرين. قبل فترة قام الممثل العالمي جون مالكوفيتش، وهو الوجه الرسمي للعلامة الفندقية "سانت ريجيس"، بكتابة وإخراج فيلم قصير من 8 دقائق باسم "بطاقة بريدية من اسطنبول" A Postcard from Istanbul، وهو الفيلم الذي سيجعلك تفكر عند مشاهدته بكيفية قيامك بتدبر تذكرة إلى أول طائرة تقلك إلى هناك! شاهد الفيلم القصير الذي كتبه وأخرجه الممثل العالمي جون مالكوفيتش عن زيارته إلى "سانت ريجيس اسطنبول" هنا.