الشارقة تختزن بربوعها أصالة وموروث عريق
تضم كل مدينة في العالم “منطقة” تحتل منها موقع القلب، تعكس جوهرها وتاريخها وتعبر عن أصالتها، وفي إمارة الشارقة، فإن تلك المنطقة هي “قلب الشارقة”، الوجهة التي تختزن في ربوعها وطرقاتها وبيوتها أصالة المدينة وموروثها العريق وحاضرها الآسر. كانت إمارة الشارقة قديماً تنقسم إلى أربعة أجزاء رئيسية، يضم كل منها (حي) فريجاً واحداً أو اثنين، ويتوسطها الحصن الذي بني عام 1804 مع سور الشارقة وعدد من الأبراج، وكان الحصن في ذاك الحين مقراً لحكومة عائلة القاسمي وقد أمر ببنائه الشيخ صقر بن سلطان الأول بن راشد بن مطر بن كايد القاسمي، مع بداية تكوين إمارة الشارقة الحديثة. وتعد منطقة “قلب الشارقة” وجهة متفردة ومنبعاً لحكايات الأجداد المؤسسين، حيث تختزن عبق التاريخ وذكريات الماضي، وتزهو بطرقاتها الضيقة ومدارسها وأسواقها وبيوتها العتيقة وطابعها التراثي، وتحمل كافة عقاراتها ومرافقها قيمة لا تقدر بثمن، فهي جزء من تاريخ إمارة الشارقة الأصيل، وطابع حياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية، وتضم جميع الأعمال الفنية التي تركها لنا الأجداد كأيقونة تحفظ مسيرة الإمارة الثقافية. ونشرت صحيفة Gulf News جولة في قلب تاريخ إمارة الشارقة، حيث الأماكن التاريخية بها، ومن أهمها المجلس الشعبي، حيث يجلس عدد من الأصدقاء كبار السن يومياً في المجلس الشعبي قبالة خور الشارقة، يتسامرون ويسترجعون ذكريات الماضي على صوت “البشتختة” أو جهاز الأسطوانات القديمة “الجراما فون”، و لا تخلو هذه الجلسة من المشروبات التراثية القديمة، مثل “النامليت” وغيره. ويعد هذا المكان التاريخي الذي أعيد بناؤه مرة أخرى كان وما يزال قبلة للأصدقاء، خاصة الكبار منهم والذين يحرصون على هذه الجلسات باستمرار في تقليد لآبائهم وأجدادهم الذين كانوا يجلسون في المكان نفسة في الماضي، حيث كانت الحياة جميلة وتتميز بالتراحم والتواصل بين الجميع.
بالإضافة إلى سوق العرصة، الذي يعد أحد أقدم الأسواق الشعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان فيما مضى (قبل أكثر من نصف قرن) نقطة التقاء رحلات تجار البدو وجمالهم المحملة بالبضائع. وتم إعادة ترميم السوق الذي يحتوي حالياً على جميع المشغولات اليدوية الشرقية، هنا يمكنك أن تتجول على طول الأزقة المكيفة، وللسوق أبواب خشبية كبيرة وجدران مشيدة من الحجر المرجاني والفوانيس المعلقة عليها. يضم السوق أكثر من 70 متجراً مميزاً يعرض الكثير من المشغولات اليدوية المحلية والمستوردة، والمقتنيات ذات القيمة التاريخية، والتحف الخشبية والصناديق العربية المطعمة باللؤلؤ، وأباريق القهوة النحاسية، والمصوغات اليدوية والمجوهرات التراثية، والعطور والبخور، والملابس المصنوعة يدوياً، والسلال المصنوعة من سعف النخيل، والأعشاب الطبية، والسجاد والهدايا التذكارية. ستجذبك الروائح الفواحة المنبعثة من متجر الحلوى الواقع في أحد أركان السوق لكي تقترب وتجرب ما يقدمه من أشهى الحلوى التقليدية الأصيلة، وإذا أصابك التعب من كثرة التجوال، يمكنك التوجه إلى المقهى الشعبي الواقع في منتصف السوق لتستمتع بشرب القهوة العربية أو الشاي السليماني (الشاي الأحمر)، وتجاذب أطراف الحديث مع السياح ورواد السوق، حيث يمكنك الحصول على بعض المعلومات الشيقة عن المنطقة من وسكانها.