أعلى

          

 

 

أحدثت وسائل الإعلام الاجتماعي ثورة في الطريقة التي يتواصل الناس بها ويحافظون على علاقاتهم. وعلى المستوى العالمي، يمضي مستخدمو الإنترنت ما متوسّطه أربع ساعات ونصف ساعة أسبوعيا على مواقع التواصل الاجتماعي، أي أكثر مما يمضون في استخدام البريد الإلكتروني. هناك ميزة عمومية لطريقة حصول التواصل عبر الشبكات الاجتماعية، فالناس كما يقال بلغة الفيسبوك يتشاطرون أفكارهم على "جدار" بحيث يستطيع الآخرون الاطّلاع عليها. وفيما يزداد نشر ما يفكر فيه الناس وما يفعلونه على هذه اللوحات العصرية، يغدو من المحتّم أن تبدأ شبكات التواصل الاجتماعي في التأثير على ما يشتريه المستهلكون وعلى طريقة تسوّقهم. وبتنا نرى المستهلكين يحددون، كما لم يفعلواسابقاً، ما هي المنتجات والخدمات التي تنجح ويؤثرون على طريقة إيصال الرسائل.

 

إذا كانت هذه الوسيلة الجديدة المسماة الشبكات الاجتماعية تخلق تحديات للشركات، فإنها تقدّم لها في المقابل فرصة. وتعتبر شركات التجزئة والالكترونيات الاستهلاكية وشركات الإعلام من بين العديد من أنواع الشركات التي لحقت بالمستهلكين إلى هذه الساحة الاجتماعية، فأنشأت صفحات للمعجبين على الفيسبوك، وأرسلت الرسائل النصية، وكوّنت الجماعات. لكن التطبيقات الأولى مثل إبداء "الإعجاب" على الفيسبوك لن تكون النشاط الأهم لمدة طويلة. فالمرحلة التالية سوف تتخطى مجرد التواصل والتأثير. وسيقوم المستهلكون بعمليات تجارية عبر الشبكات الاجتماعية، فيختارون المنتجات، ويضعون ما يختارونه في عربات التسوّق، ويتمّمون عمليات الشراء عبر الدفع بواسطة بطاقات الائتمان أو النقاط. وعندما يقومون بذلك سوف يبدأ عصر التجارة الاجتماعية بصورة جدية.

 

إن الشركات التي تسعى إلى التجارة الاجتماعية تعتبرها قناة متميزة ترتكز على جوانب جديدة مهمة من سلوك المستهلك. وتمثّل هذه القناة الجديدة اندماج التجارة الإلكترونية ووسائل الاعلام الاجتماعي، بما أن التعاملات تتم ضمن المنصة وليس في الموقع الإلكتروني لبائع التجزئة. ولكن ما مدى استعداد المستهلكين لشراء المنتجات من خلال وسائل الاعلام الاجتماعي؟ تعطي دراسة أجرتها شركة بوز أند كومباني عام 2010 للمستهلكين الذين يمضون ما لا يقل عن ساعة واحدة في الشهر على مواقع الشبكات الاجتماعية والذين اشتروا منتجاً واحداً على الأقل عبر الانترنت في العام الماضي فكرة عن الموضوع. وقد قال 27 في المئة ممن شملهم الاستطلاع انهم على استعداد لشراء السلع المادية من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، قال 10 في المئة أن قيامهم بالشراء عبر مواقع الشبكات الاجتماعية سوف يكون عملا إضافيا يزاد إلى الشراء بوسائل أخرى، أي أنهم في نهاية المطاف سوف يشترون المزيد من السلع المادية. أما الـ 73 في المئة الذين قالوا انهم لن يشتروا سلعاً من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية فتحدّثوا عن المخاوف المتعلقة بالأمان والخصوصية، وهما مسألتان بدأ عدد كبير من أبرز مواقع التواصل الاجتماعي العمل على تحسينهما.

 

يقول رامز شحادة الشريك في بوز أند كومباني ومسؤول شؤون تكنولوجيا المعلومات في الشرق الاوسط، "تقلل هذه المواقف الناشئة من إحتمال أن تواجه التجارة الاجتماعية - القريبة في نهاية المطاف من التجارة الإلكترونية - عقبات تتصل بحداثتها. وبما أن الشركات تعثر على سبل لإدراج محركاتها الخاصة بالتجارة الإلكترونية ضمن وسائط الإعلام الاجتماعي، سوف تصعد سوق التجارة الاجتماعية صعودا صاروخيا، ويساهم في ذلك جزئياً وجود نماذج جديدة للشراء وتوافر سلع جديدة مطوَّرة خصيصاً لمواقع التواصل الاجتماعي".

 

ترى الشركات في ايامنا هذه فرصاً لاستخدام التجارة الاجتماعية في كل مرحلة من مراحل مسار الشراء - الوعي، التفكير، القرار، الولاء والخدمة - وكذلك لقياس مدى نجاح جهودها. وتقدّم كل خطوة على هذا المسار - توليد الوعي، حث العملاء على الشراء، وتنمية ولائهم - فرصها الخاصة. ويجب على الشركات ان تنظر في الجهود الهادفة على امتداد هذا المسار، فيما تعمل على دمج التجارة الاجتماعية في استراتيجية شاملة متعددة القنوات. وسيكون وضع استراتيجية متكاملة وشاملة لجمع بيانات العملاء واستنباط الأفكار انطلاقاً منها، ووضع تصوّر لطرق جديدة ليقرر العملاء ويشتروا معاً، وبناء تجربة مقنٍعة مع العملاء، من الأمور الأساسية للنجاح في عصر التجارة التي تحرّكها الديناميّات الإجتماعية.

 

تمثّل التجارة الاجتماعية بالنسبة إلى غالبية الشركات قناة جديدة تحتّم عليها تعلّم وإتقان الكثير. وهناك أربعة أمور مُلزمة على كل شركة أن تأخذها في الحسبان:

 

الضرورة الأولى: أدخل المعترك وتعلّم خلال عملك. من المفيد عادةً أن ندرس فرصة جديدة عن كثب، ولكن بالنظر إلى الإيقاع السريع الذي تتطوّر وفقه التجارة الاجتماعية، على الشركات أن تكون مستعدّة للتعلّم خلال عملها.

 

الضرورة الثانية: وضع استرتيجية للحصول على المعطيات المطلوبة. على الشركات وضع "قائمة رغبات" من المعلومات المتعلقة بالتجارة الاجتماعية وتوزيعها على فئات وفقاً لصعوبة الحصول عليها.

 

الضرورة الثالثة: تحديد ما يجب أن تكون عليه تجربة العميل. على الشركات استخدام اختبارات ومشاريع اختبارية ومعطيات اجتماعية لرسم استراتيجيات مختلفة للتجارة الاجتماعية بغية الحصول على فكرة عما سيراه عملائها، وكيف سيتجاوبون، وماذا سيحبّون.

 

الضرورة الرابعة: دمج التجارة الاجتماعية في استراتيجية عامة متعددة القنوات. مع اضطلاع التجارة الاجتماعية بدور أكبر في المشهد العام للمبيعات، من المهم أن نفهم موقعها في الاستراتيجية المتعددة القنوات للشركة، وعلى وجه الخصوص لتحديد أثر التجارة الاجتماعية على القنوات الأخرى.

 

في النهاية يقول شحادة، "لا يزال سوق التجارة الاجتماعية بدائياً حتى الآن، لكن هذا الأمر سوف يتغيّر على مدى السنوات الخمس المقبلة في ظل تسابق الشركات على إنشاء متاجر، الأمر الذي سيضاعف عائدات التجارة الاجتماعية ست مرّات لتبلغ 30 مليار دولار أميركي على مستوى العالم. ومع حصول هذه القفزة في النمو، ستأخذ التجارة الاجتماعية مكانها إلى جانب المخازن والمبيعات عبر الهاتف، والمبيعات التقليدية عبرالانترنت، لتبرز كقناة مبيعات كبيرة في حد ذاتها".