الألمان يتنبؤون بسيناريو مرعب لأوربا
صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا": تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" أزمة الاتحاد الأوروبي المتفاقمة؛ مشيرة إلى أن السياسيين والخبراء لا يستبعدون تفككه. وجاء في السياق تتزايد بنحو ملموس المخاوف في الدوائر السياسية والتجارية والعلمية الألمانية على مصيرها، باعتبار أن هذه المؤسسات هي نواة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. وإن خط الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه أوروبا، العصي على التكهن، هو أحد الدوافع إلى ذلك. كما أن ما يثير القلق أكثر، هو الانتخابات البرلمانية، التي ستُجرى يوم 15 مارس/ آذار في هولندا، والانتخابات الرئاسية في أبريل – مايو المقبلين في فرنسا، ولا سيما أن أمزجة التشكيك في الوحدة الأوروبية قد أصبحت قوية في هذين البلدين. وهذه ليست السنة الأولى، التي تتفاقم فيها أزمة الاتحاد الأوروبي. فالديون، والهجرة، والانكماش، والبطالة تتحول إلى أزمة ثقة وتقوض دعائم المجتمع. كما تترك آثارها سياسة العقوبات، التي تلحق الضرر بالاتحاد. ولذلك، فإن عدم استبعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلته مع صحيفة "التايمز" اللندنية، خروج أعضاء آخرين على أثر بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم يكن زلة لسان.
هذا، ومن قبلُ، توقع الحائز جائزةَ نوبل جوزيف ستيغليتس تفككَ منطقة اليورو؛ مؤكدا استعداد إيطاليا للخروج الوشيك من الاتحاد. وبقدر ما تتفاقم توترات الوضع اليوناني المستمرة، يتزايد الحديث عن خروج اليونان "غريكزيت" (على وزن "بريكزيت البريطانية). وفي هذا السياق، من المفهوم الاهتمام بالبؤر ذات المستقبل العصي على التكهن، مثل المزاج العام في هولندا وفرنسا. وقد تولى الصحافيان رالف بولمان وجيني تيير تحليل ذلك في مقال كبير نشرته "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ". وتشفيا من أولئك الغائصين في اللهجة الخطابية المعادية للرئيس الامريكي ترامب، يوليان اهتمامهما بحدثين محددين بالذات، يقلقان السياسة الأوروبية، وقد يخرجان الأسواق المالية عن مسارها، ويقوضان الاقتصاد. والحديث يدور هنا في المقام الأول عن الانتخابات البرلمانية قريبا في هولندا، والتي يحتمل بنتيجتها، بحسب التنبؤات كافة، أن ينال فيها المشككون في أوروبا، بزعامة اليميني الشعبوي خِيرت فيلدرز، الكتلة الأقوى في البرلمان، والذي يريد استعادة السلطة على الميزانية من بروكسل وإقامة الغيلدر السابق، والدعوة ليس فقط إلى الخروج من منطقة اليورو، بل وأيضا من الاتحاد الأوروبي.
كما تسعى زعيمة "الجبهة الوطنية" المرشحة الرئاسية مارين لوبان لتحقيق برنامج مماثل في فرنسا. وقد قالت لوبان لصحيفة "لوموند": "بعد ستة أشهر من انتخابي، سوف أنظم استفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي". ولكنها قبل ذلك، تعتزم إعادة الصلاحيات لباريس في مجالات الميزانية والعملات، التشريعات القانونية والهجرة. وفي حال الفشل في تحقيق ذلك، فإنها سوف تدعو إلى الخروج من الاتحاد. وتشير التوقعات إلى أن لوبان ستفوز بثقة في الجولة الانتخابية الأولى يوم 23 أبريل/نيسان المقبل. أما فيما يتعلق بالجولة الانتخابية الثانية يوم 7 مايو/ أيار، فإن الصحيفة الألمانية "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" أعربت عن الأمل في أن يتغلب المرشح المستقل إيمانويل ماكرون على لوبان؛ ولكن، وبما أن التنبؤات فشلت بشأن "بريكزيت" أولا، والانتخابات الرئاسية الأمريكية ثانيا، لهذا، لا يستبعد المحللان الألمانيان في "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" نهائيا خيار فوز مارين لوبان. وقد وصف رئيس معهد ميونيخ "Ifo" كليمنس فويست احتمال خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي بـ "سيناريو الرعب" لا أقل ولا أكثر. إذ إن خروجها من الاتحاد النقدي، برأي الخبير الاقتصادي، يعني "نهاية منطقة اليورو"، والعودة مرة أخرى إلى العملات الوطنية، والتي سيكون معظمها ضعيفا، أمام جبروت المارك الألماني.
بيد أن كبير الاقتصاديين في مصرف "كوميرتسبنك" (الألماني) يورغ كرامر يحذر من أن "حل الاتحاد النقدي سوف يشكل صدمة من شأنها خلق حالة من الفوضى الاقتصادية، حتى في ألمانيا". فلذلك وللاحتياط، ينصح الخبير كليمنس فويست باتخاذ إجراءات وقائية، ويقول: "إذا فازت لوبان يوم الأحد، فبدءا من يوم الاثنين يجب وضع رقابة على حركة تنقل رؤوس المال في أوروبا"، وذلك للحيلولة دون انهيار الأسواق المالية. من جانبه، يبدي رئيس معهد كيل (الألماني) للاقتصاد العالمي دينيس سنوفر قلقه إزاء العواقب السياسية. ويعتقد أنه حتى لو بقيت فرنسا في الاتحاد الأوروبي بعد انتصار لوبان، فإن "المحور الألماني–الفرنسي سوف يتقوض، وستعزز سياسة الحمائية". إلى ذلك، تستقبل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي. وكما جاء في الخبر الرسمي، سيكون ذلك لتبادل الآراء حول الموضوعات الراهنة لمنطقة اليورو.