كوبا كما هي في الواقع من دون أي تجميل
هافانا – حمزة عليان: كوبا بلد مبهر بالسياحة، فيه جزر وأودية، انهار ومحيط تحيط بهذا الارخبيل من كل صوب. ففي منطقة الكاريبي صارت من اكثر البلدان مقصدا للسواح، وهناك جزيرة كايو كوكو المشهورة برياضة الغطس وتعتبر بمنزلة محمية طبيعية من محميات المحيط الاطلسي، مكونة من احد عشر مكاناً مختلفاً من الغابات الساحلية «المانغروف» التي تكثر فيها الشعاب المرجانية ويحيط بها عدد من المنتزهات مثل «سانتا ماريا» وفيها 35 موقعاً أثرياً ولوحات جدارية تتميز بالفن الريفي وهي بالمجمل من افضل مناطق الغوص في الكاريبي. وبخلاف هافانا، العاصمة صاحبة التاريخ الطويل والمتاحف، تجد فيها الشوكولا والبساطة والتواضع عند أهلها.. والاهم في هذا انك ستجد نفسك كأنك في معرض السيارات القديمة أينما توجهت ستقع عليها عيناك. هذا البلد ما زالت فيه سيارات تعمل كتاكسي في الشوارع موديل الاربعينات وما بعده، خاصة سيارات LADA الروسية والأميركية الصنع التي كانت متوافرة بكثرة في السوق قبل الثورة. وتاريخها حاضر أمام الزائر، يكفي أن تقوم بجولة في المدينة القديمة، لتقف أمام قصور وأبنية تراثية مليئة بالحكايا والقصص منذ اكتشفها كريستوف كولومبوس واستعمرها الاسبان، ثم جاء الانكليز لفترة قصيرة جداً ودخلها الأميركان إلى أن قامت الثورة الكوبية وأخرجتهم مع سقوط نظام باتيستا عام 1959.
البوابات الثماني
ذهبت إلى المدينة القديمة وشاهدت الاحتفال الفولكلوري اليومي في القلعة القديمة التي بناها الاسبان عام 1763 حيث يتجمع فيها الناس ليستمتعوا بالعرض الذي يقدمه الشباب الكوبي بالزي الاسباني القديم وفي مشهد تاريخي يعيدون فيه حكاية المدينة عندما كانت محاطة ببواباتها الثماني والمحصنة جيداً، وعندما تحين الساعة التاسعة ليلاً، تطلق المدفعية إحدى القذائف لتذكير الناس بقرب اغلاق البوابات للدخول ومن يتخلف يبقى خارجاً.
الديناصورات
أما هذه الحديقة فتقع شرقي البلاد بالقرب من مدينة سانتياغو دي كوبا وبها العديد من الغابات الاستوائية وغابات السحب والمناطق الساحلية والكهوف وفيها العديد من الكائنات التي على وشك الانقراض مثل الخفافيش والعناكب. وهناك العشرات من الديناصورات المنحوتة من الحجر في شكل يدل على إبداع وروعة مصمميها.
قرب خليج الخنازير
حديقة زاباتا في محافظة ماتانساس وعلى بعد 900 ميل جنوب شرقي هافانا وهي موطن لمجموعة من أكثر النباتات والحيوانات تنوعاً في كوبا حيث بها ما يمكن أن يزيد على خمسة وسبعين نوعاً من الطيور، وواحد وثلاثين نوعاً من الزواحف وكذلك الأنواع المتوطنة مثل التمساح الكوبي.
تراث أسباني
لعل من أهم المدن السياحية، «تريننداد» في المنطقة الوسطى لكوبا، بين الجبال والبحر، هي الثالثة المبنية على يد الأسبان في عام 1514 وأكثرها ازدهاراً في ذاك الوقت، فيها مصانع لانتاج السكر وتقاليد فخارية تقام فيها مهرجانات سنوية ذات طابع اسباني وتزرع البن والتبغ، ومن المناطق السياحية المشهورة جداً.
هافانا، على امتداد خليج المكسيك من جهة الغرب، أما كوبا ككل فهي في منطقة البحر الكاريبي وعند نقطة التقاء المحيط الاطلسي بخليج المكسيك تنقسم إلى 14 محافظة وفي كل منها جامعة.
أجمل ما رأيت
من أجمل ما رأيت في هذا البلد، سلاسة حركة مرور السيارات هنا، لا زحمة على الاطلاق ولا حوادث سير تذكر، هادئة شوارعها بعيدة عن الضجيج، الكل ملتزم بقوانين السير والمرور انتظام إلى حد الكمال. ربما من أحد الأسباب عدم السماح للأفراد باستيراد السيارات، فقد تم إيقاف استيراد السيارات المصنوعة عام 2011 وما بعده (سيارة بيجو على سبيل المثال، موديل 2015 ليصل سعرها إلى 260 ألف دولار تقريباً!!). ومعظم الناس يستخدمون الباصات التي توفرها الدولة، في حين السيارات الخاصة، فتعمل كتاكسي، والأخرى للاستعمال الشخصي، وبالطبع هذا لا ينطبق على السلك الدبلوماسي والمنظمات الدولية، التي بمقدورها استيراد السيارات لكن من دون السماح ببيعها في السوق المحلية.
معرض لسيارات «الانتيكا»
الدهشة ستعلو وجهك وأنت تسير في شوارعها، فأنت أمام معرض سيارات «أنتيكا»، كأنك تشتري «بوست كارد» من الخمسينات وتتخيله، هو الآن أمامك ترى موديلات الحرب العالمية الثانية، والتي تجمع صناعة العدوّين اللدودين، (روسيا وأميركا) وهما يتجولان في ساحات كوبا، وبقدرة عجيبة أظهرها وحافظ عليها الشعب الكوبي، الذي لا يزال يعيش تبعات الحصار الأميركي. ما يستوقف الزائر ذاك العدد من الساحات، فهناك «ساحة الثورة» التي تم بناؤها على تلة صغيرة بالأسلوب الباريسي، تشبه «ساحة النجمة» وسط طرق تتصل بنهر المينداريس وحي «فيدادو». أما ساحة الكاتدرائية ففيها أكبر وأجمل الكنائس في كوبا والمسماة كاتدرائية هافانا، تتزين ببرجين كبيرين، وجرسها مصنوع من الذهب والبرونز والفضة، يقصدها السياح ليلتقطوا صوراً لها. إلى جانب التاكسي الأصفر المعروف باسم «كوكو» الذي يشبه جوز الهند، ينقل ما بين اثنين وثلاثة ركاب. كوبا اليوم تعود إليها الأسرة الدولية على شكل وفود سياحية، خصوصاً من أميركا، فمطار هافانا يستقبل عشرات الطائرات القادمة من ميامي وولايات أميركية أخرى، ومن دول الكاريبي وأوروبا. بعض الشوارع تنبض بالحداثة، كما هو الشارع الذي يسمونه هنا «الشانزليزيه» La Rue Pasio بيوت قديمة ذات طابع تراثي، بنيت من قبل الأثرياء الكوبيين، بقيت تحافظ على أصالتها كما البيت الذي أقمت فيه، وتديره مغنية أوبرا، يعود تاريخ بنائه إلى عام 1927. مدينة تحكي تاريخا طويلا من الغزوات والمحتلين؛ فهي تتكلم الأسبانية وشوارعها تنطق بالفن والمسرح ورقص الباليه.والكوبيون على موعد قريب (أبريل 2018) لانتخاب رئيس، بعدما تمت انتخابات البرلمان بمجلس نيابي جديد، فازت فيه 305 سيدات كعضوات من أصل 605، إجمالي النواب، وبنسبة %53 تقريباً.
أرخبيل من الجزر يختزن ثروة سمكية هائلة، تقوم الدولة وحدها بصيده وببيعه داخل كوبا وخارجها، وهو أشبه بالثروة القومية كما حال السيجار وغيره من السلع والمعادن.
وأنت متجه نحو فراديرو التي تبعد 120 كلم تقريبا عن هافانا، تطالعك على جانبي الطريق اشجار المانغو ذات الثمار الصفراء وغابات خضراء تنقطع عنك بين وقت واخر، تحجبها الوديان الممتدة على طول النظر. تقترب من اهم المنتجعات السياحية على طول المحيط الاطلسي التي يبعد عنها المطار الدولي الذي يستقبل مباشرة السياح القادمين اليها مباشرة.
حركة المرور لا تتوقف باصات تنقل الزوار ومنتجعات وفنادق متنوعة صارت مقصداً للأجانب وهي تعيش سنوات من الانفتاح على العالم الغربي، اذ كانت الدول الاوروبية وكندا ودول اميركا اللاتينية ترتبط بعلاقات وبوجود جاليات لها في كوبا. سيارات التاكسي ذات اللون الاصفر غطت على السيارات القديمة والتراثية التي لاتزال تجوب الشوارع وهي من موديلات الاربعينات والخمسينات، ومن السهل ان تشاهدها وتستمتع بالركوب فيها وبألوانها الزاهية احياناً. أمضينا يوماً كاملاً في احد الفنادق المطلة على الشاطئ تماما رمال بيضاء، مكان للاسترخاء والراحة، ومياه زرقاء تلمع مثل الكريستال من شدة نظافتها. هنا تلتقي بمعظم الجنسيات، فالسياحة الكوبية تجمع الكثير من الكنديين الذين يفضلون زيارتها خاصة في فصل الثلج والبرودة الشديدة هناك، اضافة الى الاميركيين والاوروبيين، وقليل جدا من العرب. وأقرب نقطة الى هذا المنتج، مدينة كانكون المشهورة بشواطئها في المكسيك، تطل عليها من البحر.
هناك العديد من المنتجعات داخل مدينة فاراديرو نذكر منها:
-
Melia Varador: هذا المنتجع المبني على طراز هرمي يشبه وردة بـ6 اوراق ويعتبر تحفة هندسية. يضم حدائق معلقة وناديا للغوص ويتم تقديم باقات عائلية متخصصة لإرضاء مختلف الافراد.
-
Paradisus Varadero Resort: يقع على طول الشاطئ ويعتبر مثاليا لعطلة عائلية. يضم عددا من النشاطات المتخصصة للأطفال ما تحت الـ12 سنة ونادياً لهم يفتح حتى العاشرة مساء، كما يحتوي على سبا ومركز صحي ومتطور ومسابح كثيرة ونادي للغواص ومطاعم عديدة.
-
Iberostar Varadero: هذا المنتجع من فئة الخمس نجوم يقع على شاطئ البحر يتألف من 11 مبنى وفق الطراز الكوبي ويتمتع الزوار بجماله الساحر. ساعات من الراحة تقضيها على هذا الشاطئ الجميل تستمتع بطقس معتدل وبمشروبات شعبية مثل «الكوكونت» وغيرها.
عودة الكنائس
صباح يوم الأحد، وأنا ذاهب في طريقي إلى حيث مبنى سفارة الكويت، وقع نظري على منظر جديد، كان عبارة عن قداس يقام أمام الكنيسة، بمناسبة عيد الشعافين، وهذا المشهد لم يكن مألوفاً من قبل نشاط الكنائس يكاد يكون مغيبا تماماً، لكنه تغيّر بعد زيارة البابا عام 1998، وحشد مليون شخص لاستقباله في «ساحة الثورة» بهافانا؛ لاقامة قداس للبابا يوحنا بولس الثاني، ثم تكررت زيارة البابا فرانسيس في 2010 لتعود أجراس الكنائس تقرع ولأول مرة، ومن بعد ذاك التاريخ أصبح الكوبيون يحتفلون بأعياد الميلاد، وهم ينتمون للديانة الكاثوليكية، وان كان قسم كبير من الشعب يتبعون طائفة «الأباكوا» وزعيمهم «بابا لاد» من الأصول الأفريقية.